أغنية “راجعين” لوائل كفوري.. كيف تصبح الأغنية وطنًا لشعوب فقدت لذة العيش في بلدانها؟

أغنية “راجعين” لوائل كفوري.. كيف تصبح الأغنية وطنًا لشعوب فقدت لذة العيش في بلدانها؟

هل تساءلت لماذا بعض الأغاني تمر بنا وبمجرد أن ننتهي من استماعها ننساها، بينما هناك أغاني مهما مرت عليها السنين فأنها تبقى خالدةً في الذاكرة؟!

نعم، هناك أغنيات عند سماعها نشعر بشحنات تخديرية، تُذيب الأحاسيس، أو تسافر بنا إلى أيام قاسية ذهبت، أو أيام جميلة فقدناها، أو أحباب فارقناهم.
وهذا هو السر الذي يجعلنا لا ننسى بعض الأغاني؛ التي تلامس وجداننا وترتبط بتجربة حياتية أو بمرحلة عمرية معينة.

رحلوا وأعمالهم لا زالت تستوطننا

هذا ما فعله بنا النجوم الأوائل الذين رحلوا وظلت أعمالهم معنا، مثل “كوكب الشرق” الفنانة أم كلثوم التي من أحب أعمالها بالنسبة لي أغنية ” أنساك”، أو مثل الفنانة فيروز بأغنيتها “نسم علينا الهوى” التي تستنشقها أرواح الجمهور العربي، بنفس الطريقة التي يستنشقون فيها النسيم العليل في الصباح الباكر، وكذلك صباح الشحرورة بأغنيتها “عالبساطة”، هذه الأعمال وغيرها من الأعمال تخلق في أنفسنا وقلوبنا حكايات وقصص خاصةً في العلاقات والأسرة، في الخذلان والوفاء، في الوحدة والاشتياق، في الوطن والانتماء!

أغنية راجعين كلمات تتسلل إلى الوجدان

وائل كفوري ومن خلال أغنيته التي تحمل عنوان “راجعين” في أول خمس ثواني من الموسيقى، يشعر المستمع وكأنه لم يستمع لأغنية، بل كأنه يرى لبنان من نافذة فتحها كفوري بإبداعه، وبراعته.

أغنية “راجعين” تميزت بأدائها الفريد، بسبب التناغم المذهل بين الموسيقى واللحن والكلمات، مما جعلنا كمستمعين نعيش واقع لبنان بكل تفاصيله، ويعود ذلك إلى قلة الكلمات وعمق المعنى الذي حاول نجمنا الرائع أن يوصلهُ إلينا فعلًا وصل إلى أعماق قلوبنا وتسلل إلى وجداننا!

إيقاع مُفعم بالحماس وطبقات صوتية ترسم ملامح الواقع

العمل الموسيقي الإبداعي الجذاب هو ذلك الذي يشعر المستمع أنه كتلة مترابطة، ومن هذا المنطلق قمنا بتكرار سماع الأغنية لعدة مرات، فكانت النبرة التي توحي بالحنين للوطن، واللحن الحزين الذي يحمل التحسر على لبنان، والكلمة البسيطة التي تدل أن بناء الوطن مسؤلية الجميع دون استثناء!

عبارات تختصر الواقع

لو تأملنا كلمات الأغنية لوجدنا أن لها أبعاد يصعب شرحها، فالأغنية كانت محملةً بالحلم والاشتياق، بالإنسانية والضمير، بالغربة والانتماء..

مثل عبارة “شبكنا أيدينا مع بعض” التي تختصر وجع من يرى الخراب وهو مكتوف الأيدي، كذلك عبارة “كانت غايبة عنا” حيث مدَّ الكلمة الأخيرة ما يدل مدى الشوق الذي يحمله الإنسان الذي يعيش بعيدًا عن وطنه، أو يعيش في بلده ولكن كل الأشياء غائبة عنه مستقبله، سعادته، أحلامه!

وهكذا استمرت الكلمات في أغنية نجمنا الرائع وائل كفوري، ترسم ملامح بلدًا جميلًا..!
ولكن متى كان الجمال وسيلة للنجاة من المعاناة؟!
نعم، جمال البلدان ليس كافيًا للنجاة، إذا لم تكن نوايا شعبه وحكَّامه جميلةً أيضًا، هناك دول قامت على الصحاري وأغلب شعبها في الجبال، ولكن لأن قلوب شعوبها مزروعة بالخير أصبحت أجمل، بالمقابل هناك دول أرضها خصبة ومساحتها كبيرة، ولكن قلوب أهلها ضيقة!

اقرأ أيضًا: وائل كفوري يُفاجئ جمهوره بإطلاق أغنيته الجديدة “راجعين”

ختامًا، لبنان قلب الشام، والأوجاع دائمًا تصيب القلوب، ولكن استطاع كفوري بإبداعه الراقي أن يُعلِّمُنا أنَّ الغربة لا تعني البعد الجسدي عن الوطن، ولكن أن نعيش في بلداننا ونشعر أن كل الأشياء بعيدةً عنَّا، بسبب الأنانية، وعدم تغليب المصلحة العامة.

كما ذكَّرنا بضرورة العودة الصادقة إلى الوطن بالعمل والنوايا الصادقة من أجل بناء مستقبل لوطن جميل.

أنور العواضي

 

1
0

المشاركات الشهيرة

سلافة معمار بطلة الخائن هكذا تعامل الطفلة (زينة) في الكواليس ومن تكون الطفلة ومعلومات لأول مرة عنها! – فيديو

Taylor Swift’s Super Tuesday Urge to Vote Sparks Debate! – Document & Photo