في سابقة لافتة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، ظهر فلافيان تيرميه، أصغر نائب في البرلمان الفرنسي الجديد وعضو في حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، وهو يقف في بهو المجلس لاستقبال زملائه الجدد. لكن المفاجأة لم تكن في حضوره اللافت، بل في رد الفعل: غالبية النواب رفضوا مصافحته.
من هو فلافيان تيرميه؟
تيرميه، الشاب الذي أصبح فجأة في دائرة الضوء، ينتمي لحزب مارين لوبان المعروفة بخطابها القومي المتشدد. بالنسبة للبعض، مجرد انتخابه في هذا العمر يُعد مؤشراً على تنامي حضور اليمين المتطرف بين الشباب الفرنسي. لكن بالنسبة لآخرين، فهو رمز لسياسة تقوم على الإقصاء والتطرف.
لماذا رفضوا المصافحة؟
رفض المصافحة لم يكن مجرّد حركة عابرة أو تصرّف بروتوكولي. النواب الذين مرّوا بجانبه دون مدّ أيديهم أرادوا توجيه رسالة سياسية واضحة:
– رفض التطبيع مع اليمين المتطرف داخل البرلمان.
– التأكيد على قيم الجمهورية القائمة على المساواة والتنوع.
– التعبير عن احتجاج صامت ضد الخطاب العنصري والانعزالي الذي يربطه كثيرون بحزب لوبان.
بهذا المعنى، تحوّل مشهد بسيط ـ مصافحة غائبة ـ إلى بيان سياسي بصري يعكس الانقسام العميق في المجتمع الفرنسي.
السياسة لغة الإشارات
في السياسة، لا يكون الكلام وحده هو الرسالة. أحياناً تكون الحركة الصغيرة أكثر قوة من الخطب الطويلة. رفض المصافحة في البرلمان الفرنسي يُقرأ كإعلان:
“نحن هنا، لكننا لن نمد أيدينا لمن يهدد قيمنا المشتركة.”
دلالة أوسع
الواقعة فتحت نقاشاً أكبر في الإعلام الفرنسي: هل المقاطعة الجسدية لنواب اليمين المتطرف تساعد في الحد من نفوذهم، أم أنها تمنحهم صورة “المنبوذين” وتزيد شعبيتهم بين أنصارهم؟
سؤال مفتوح يؤكد مأزق الديمقراطية الفرنسية اليوم: كيف تتعامل مع قوة سياسية صاعدة تراها خطراً على قيمها، لكنها في الوقت نفسه جزء من اللعبة الانتخابية؟
باختصار: المصافحة الغائبة لم تكن عناداً شخصياً، بل موقفاً سياسياً بليغاً يختصر مشهداً معقداً في لمحة يد.