بعد مرور اليوم العالمي للشاب أين موقع الشباب العربي على هذا الكوكب؟!
من البديهي في النحو أن ما جاء بعد ظرفٍ(زمان أو مكان) أو سُبِقَ بحرف جرٍ فهو مكسور(مجرور)، وهذا ما يجعلني أتساءل بتعجب: كم نُشبه لغتنا العربية الجميلة؟!
هل تساءلنا لماذا الشاب العربي يعيش بإرادة محطمة، معنوية منهارة، ومستقبل كل الطرق المؤدية إليه تشبه السراب؟!
كنّا سببًا لظروف الصعبة فكسَرتنا!
لا غرابة أن يعيش الشباب العرب مجزئين، جزءٌ مِنهُم للهموم، وآخر لحياة مليئة بالنكد، وجزءٌ للحلم الذي يملأ خيال إنسان خامل جسديًا وعقليًا.!
في اليوم العالمي للشباب لو سألنا الشباب العرب ماذا قدمتم للعالم؟ فإن لسان حالهم “تفتكرنا في أوروبا”. ويقصد أن وطنه وظروفه لا تسمح له بتقديم شيئًا للعالم!
وقد يبدو محقًا لو تحدثنا بدون مثالية؛ لأن العالم والحضارات الزاهية تُبنى على العلم والمال، ولكن الشيء الموجع أن أهل البلدان الأوروبية أو حتى دول الأمريكيتين والقارات الأخرى يُولد لهم النجاح في البيئة، ولكن عقولهم المشرقة هي من صنعت بيئةً ناجحة.
إذن فالمشكلة لا تكمن في موقع أوطاننا على الخارطة، ولكن تكمن في موقع مستقبل بلداننا على خريطة عقولنا ووعينا الجمعي الذي يجب أن نتحلى بالمسؤولية ونتسلح بالعلم والمعرفة الكافية للبناء، ولكن للأسف نحن من كنا سبب الظروف الصعبة فكسَرتنا!
هل مواقع التواصل عزلتنا عن الواقع؟
في اليوم العالمي للشباب، ماذا لو تم إجراء بحث يقيس أو يستطلع معدل الوقت الذي يقضيه الشباب العرب على مواقع التواصل الاجتماعي؟!
أعتقد أن الكثير أعطى أغلب وقته للسوشيال ميديا، فانجر وراءها في حياة افتراضية تعزله عن الواقع، تجعله في عالم افتراضي غارقًا في المقارنات والسطحية التي تجعله شخصًا عاطلًا وخاملًا على كل المستويات الفكري والاجتماعي..
وحتى اختصر الفكرة في هذا الجانب، هل تعلم أن بافيل دوروف مؤسس تطبيق “تيليغرام” لا يستخدم الهاتف؟!
قد تبدو المعلومة غريبة ولكن صدقوني أن مَن طوروا العالم هُم في الحقيقة كذلك!
لو سألنا أنفسنا كم أرباح شركات “تيليجرام” و”تيك توك” و”إكس” و”فيسبوك”..؟ سنجد أن مليارات الدولارات يجنونها من هذه التطبيقات، ولكنهم فعلًا يستحقونها لأنهم خدموا البشرية وجعلوا الحياة سهلة وأرادوا أن يقدموا حلول فأفادوا واستفادوا.
ولكي نفهم هذا الشيء يجب علينا أن نتخيل الحياة بدون تطبيق “واتساب” فقط؟! كيف سيكون التسويق وبيئة العمل؟!
فما بالك الحياة بدون التطبيقات الأخرى؟!
اختصارًا للفكرة السابقة: أن المشكلة ليست في صانع التطبيق الذي خدم البشرية، ولكن في مستخدم هذه التطبيقات التي يتساهل بالاستخدام.. “وكل إناء بما فيه.. “!
أنت في عالم رقمي الروبوتات لا تعرف من الإنسانية!
في الفكرة الثالثة من هذا المقال حقيقةً دائمًا أتذمر من المناهج الدراسية التي لا تواكب العصر، ونحن بحاجة إلى تحديث المناهج الدراسية في الوطن العربي ليبقى الشاب العربي منفتح على الجديد.
ففي الوقت الذي لا نزال ندرس الاكتشافات التي حدثت في فترة الستينيات التي بات أغلبها لا يُستخدم أصلًا، فإن العالم فإن العالم بات يتصارع على الذكاء الاصطناعي (الذي ساكشف لك حقيقته في مقال معمَّق هنا)، خصوصًا أن الصراع في هذا المجال بدأ بين دولتين عظميين مثل أمريكا والصين.. والأمر يتعلق بقدرة الذكاء الاصطناعي على إعطاء أوامر في المعارك!
من ضمن الأشياء الرقمية المثيرة للدهشة أن الأشياء غير الملموسة بلغت قيمتها أحيانًا أغلى من الأشياء الملموسة!
وهنا خطر على بالي العملات الرقمية “البتكوين” تخيل أن كود (رابط) قيمته تبلغ 117
ألف دولار!
فبدلًا من شراء 1.05(كيلو وخمسين غرامًا) من الذهب، بإمكانك أن تشتري “كود” لا وجود له على أرض الواقع وتحمله في تلفونك وترمي الحقيبة التي أثقلت خطواتك.
هذه العملة صنعت من بداية هذا العام 16 مليونير حول العالم ومن المتوقع أن يصل سعر البتكوين الواحد إلى مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة وذلك حسب تقرير اطلعتُ عليه في”ARK” للاستثمار!!
تلخيصًا للفكرة السابقة، هل تصدق إنّ أي شخص يستطيع أن يصنع عملات رقمية (عملية التعدين) إذا كان يملك حواسيب ذكية وكهرباء؟
نعم، الكود الذي يساوي 1.05 كيليو جرام، يأتي بعد تعب فلا تندهش، فالعالم للعامل وليس للخامل!
ختامًا، الظروف ليست عذرًا والنجاح ليس بالصدفة والنجاح لا يأتي بالعشوائية والتلقائية وإنما بالقدرة والدُرْبة والخبرة والانضباط.
تذكّر أن أغنياء العالم بدأوا بمبالغ بسيطة، بمبالغ بسيطة جدًا، مثل إيلون ماسك وجيف بيزوس، وبيل غيتس.. تخيل أن جينسن هوانغ مؤسس شركة “إنفيديا” بدأ بمبلغ 40 ألف دولار ولكن اليوم القيمة السوقية لـ”إنفيديا” بلغت أربعة تيرليونات دولار وهي أكبر من اقتصاد اليابان!
اقرأ أيضًا: عبارة أنتِ لا تصلحين جعلت كوليت ديفيتو رائدة أعمال رغم إصابتها بمتلازمة داون
هؤلاء هم العباقرة الذين جعلوا العالم مليئًا بالطاقة والناجح صدقوني هو دائمًا مَن يرتب وقته ويدرس أفكاره بعنايه، ولا يتشتت بكثرة الأفكار ولكن يهتم بجودتها
أنور العواضي