تأجل اللقاء التاريخي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي — لا بسبب أزمة عالمية أو اجتماع طارئ لمجلس الأمن، بل لأن فخامته كان مشغولًا بمهمة دبلوماسية من نوع آخر: الإنصات بخشوع إلى صوت أندريا بوتشيلي وهو يملأ المكتب البيضاوي بآهات الأوبرا الإيطالية.
من قال إن السياسة لا تعرف الذوق الفني؟
الرئيس، في لحظة صفاء موسيقي، قرر أن العلاقات الدولية يمكنها الانتظار قليلاً، فالعالم، كما يبدو، لا ينهار إلا بعد انتهاء المقطوعة.
ولأن كل شيء في البيت الأبيض قابل لإعادة الترتيب وفق أولويات “الحدث الجمالي”، فقد وُضع زيلينسكي على قائمة الانتظار، بجانب ملفات الاقتصاد والمناخ والسلام، في طابور طويل يسبق فقط موعد تصفيف شعر الرئيس.
قد يظن البعض أن في الأمر استخفافًا بالدبلوماسية، لكنّ النظرة المتعمقة تكشف عبقرية نادرة: فما فائدة لقاءٍ سياسيٍّ متوتر دون خلفية موسيقية راقية؟ إن بوتشيلي هنا ليس مجرد مغنٍ، بل مستشار غير معلن للشؤون الوجدانية للرئيس. فالأوتار التي تهتز في قاعة المكتب البيضاوي تُسهم بلا شك في تهدئة الأعصاب، تمهيدًا لاتخاذ قراراتٍ أكثر “تناغمًا”.
ولعلّ زيلينسكي، من موقعه على شاشة الانتظار، تعلم درسًا مهمًا في السياسة الحديثة: أن الطريق إلى قلب واشنطن لا يمر عبر خطوط الجبهة أو صفقات السلاح، بل عبر تذكرة لحفل بوتشيلي.
أما التاريخ، حين يكتب هذه اللحظة، فلن يسجّل تأجيل اللقاء كحادثة بروتوكولية بسيطة، بل كأول مرة تتفوّق فيها الأوبرا على الجغرافيا السياسية. فبين نغمة وأخرى، يبدو أن العالم لا يُدار من خلف المكاتب، بل من بين مفاتيح البيانو.
اقرأ أيضًا:مكالمة هاتفية بين ماكرون وترامب تثير الجدل وهذا ما جاء فيها؟
ليما الملا