بين “Animalistic” و”Anomalistic”: لبنان في قفص اللغة!

من سوء حظ لبنان أن مشاكله لم تعد تقتصر على الكهرباء المقطوعة والعملة المنهارة، بل امتدت لتصل إلى المفردات الإنجليزية. فقد خرج المبعوث الأميركي توماس برّاك من القصر الجمهوري ليفجّر أزمة جديدة: هل وصف الصحافيين العرب بأنهم يتصرّفون بشكل “بدائي” (Animalistic) أم “فوضوي” (Anomalistic)؟
الفرق بين الكلمتين ليس لغويًا فقط، بل سياسيًا أيضًا. الأولى تجريح، والثانية تشخيص… وفي الحالتين النتيجة واحدة: ضجيج.

لكن لنكن منصفين: أي مراقب غريب يدخل إلى الساحة اللبنانية سيظن نفسه في حديقة فوضى سياسية. تيارات تتناحر، كتل تتقاذف التهم، و”منصات التواصل” تحوّلت إلى مصارعة حرة، حتى صار وصف “بدائي” أو “فوضوي” مجرد مسألة اختيار كلمات.

الطريف أن برّاك ربما لم يقصد إهانة أحد، بل فقط عبّر عما رآه أمامه: بلد يعقد مؤتمرات عن “نزع سلاح حزب الله” فيما لا يستطيع حتى نزع الضوضاء من جلسة صحفية! فهل نلوم الرجل على الكلمة، أم نلوم البيت اللبناني الذي ترك أبوابه مشرّعة للفوضى حتى صار الضيف يصفه بما يراه؟

المفارقة أن اللبنانيين سمعوا التصريح أكثر من مرة ليتأكدوا: هل قال ani أم ano؟ وهكذا تحوّل بلد مليء بالقضايا المصيرية إلى لجنة تدقيق لغوي تفتش في مخارج الحروف بدل البحث عن مخارج للأزمات.

فلتغضب الصحف، ولتحتج النقابات، لكن الحقيقة المؤلمة تبقى: إذا كان البيت غير مرتب، فالغريب لن يخلع حذاءه قبل الدخول.

@thenationalnews

US envoy Tom Barrack caused outrage after telling Lebanese journalists to act “civilised” and not “animalistic” during a press conference in Beirut.

♬ original sound – The National News – The National News