توفى وليد مصطفى، كان هذا قدره، عاش منتجًا ناجحًا وإنسانًا خلوقًا وأبًا وزوجًا لا يُثمّن، ورحل بهدوءٍ يماثل رغبتَه الدائمة بإبعاد نفسه عن كلّ صخب الكون ومآسيه المستمّرة.
أعلنتْ كارول سماحة الخبر عبر صورةٍ مشتركة، بعدما جمعهما الحبُّ، وهو لغة الله الوحيدة، لكنهما ولأنهما على سجليْن مدنييْن مختلفيْن في الديانة، عارضهما كثيرون.
منذ يوميْن، كنتُ أحدّث زميلتي ليما الملا عن سيل من التعليقات التي قرأتها وأثارت استيائي، على فيديو نشرتُه عبر منصّتنا (كوليس) من حوارٍ أجراه الإعلامي اللبناني محمد قيس مع كارول على منصّة (المشهد).
في الفيديو تحدّثتْ كارول عن أسباب نجاح علاقتها وهي المسيحية على الهوية وهو المسلم (وكلّنا مسلمون)، كما أسهبتْ الكلام بشغفٍ وفخرٍ عن مساهمتهما بجهودهما (المشتركة أيضًا) كي يجتازا كلّ مسبّبات الخلاف وعدم التوافق.
معظم المعلّقين على عكس ما توقّعنا، لم يلتفتوا لإيجابية الحديث ونجاح العلاقة، بل راحوا يجلدونهما على قرار الزواج، من منطقٍ شمولي قاعدته: (أن الله لنا وحدنا والآخرون لا يستحقون الانضمام لقافلة مؤمنيه!)
آنذاك قلتُ بيني وبين نفسي جملةً لم تفارقني: “هما وحيّان وبعيدان عن الصخب، لم يسلموا منهم، فهل يريدونهما أن يموتا لأنهما قرّرا بنفسيْهما، أو يعيشا على هندستهم الخاطئة للقرارات؟”
رويتُ لليما هذه الجملة بعد معرفتنا برحيل وليد وتابعتُ:
“هل يشعر من هاجم كارول وتصريحها بالراحة الآن؟ هل تسكنهم الطمأنينة؟ هل يرضون أمام نهايةٍ كهذه لبدايةٍ لم يوافقوا عليها رغم أن لا طرف لهم ولا علاقة!”
إقرأ: اللحظات الأخيرة كارول سماحة منهارة في جنازة زوجها
للمفارقة أن كارول كانتْ أمس ضيفةً في برنامج (حديث البلد) اللبناني، ولو أن الحلقة مسجّلة منذ أيام، لكن ابتسامتها لم تفارق وجهها الذي لطالما تعنون بالتفاؤل والحبّ، وهي كما الشحرورة صباح، كانت تعاني كثيرًا في مشوار حياتها، بعدما رافقتْ كارول رحلة مرض حبيب عمرها، دون أن يعلم أحد منا بالخبر..
لا صحافيون ولا مواطنون، كان هذا سرّ كارول لمدّة ٧ سنوات، لأنها فنانة حقيقية خُلقت لتفرح الشعوب، ولو خرق الحزن أعماقها حتى شرايين القلب الأولى.
نعم فما أقسى أقدارنا أحيانًا، لكن لحكم الله دائمًا أجمل العبر إن سلّمنا، فوليد مصطفى الآن في السماء أكبر من منتجٍ ناجح وألطف من أحنّ أبٍ وزوج، ولعلّ دروس الحياة الصعبة ستجعل منكِ كارول أمًا أكثر صلابة وقوةً وستكونين على الأرض أجمل مُشرفة على تألِّق ابنتك تالا!
عبدالله بعلبكي
منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

