دوافع الولايات المتحدة في الاستحواذ على تيك توك

على مدى السنوات الأخيرة، تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركات التكنولوجيا الصينية، ولا سيما تطبيق “تيك توك” المملوك لشركة “بايت دانس”.

التحركات الأمريكية المتكررة تشير إلى رغبة واضحة في السيطرة أو التأثير على هذا التطبيق، ما يستدعي فهم الأسباب الجوهرية وراء هذا الاهتمام، ولماذا وقع الاختيار على تيك توك تحديدًا.

أولًا: الأهمية الاستراتيجية لتيك توك

تيك توك تجاوز فكرة كونه منصة فيديوهات قصيرة، ليصبح قوة مؤثرة على الساحة العالمية خصوصًا بين الشباب.

حجم المستخدمين في الولايات المتحدة وحدها يتجاوز مئات الملايين، وهذا السبب يجعل التطبيق أداة قوية للتأثير على الثقافة والرأي العام والسلوك الاستهلاكي.

هذه القدرة على الوصول إلى الشباب تشكل، من وجهة نظر واشنطن، أداة استراتيجية مهمة يجب مراقبتها أو التحكم فيها.

ثانيًا: المخاوف الأمنية والاستخباراتية

السبب الأهم وراء اهتمام أمريكا بتيك توك يتعلق بما تعتبره تهديدًا للأمن القومي. التطبيق يجمع بيانات ضخمة عن المستخدمين الأمريكيين، تشمل العادات والتفضيلات والاهتمامات اليومية، وهذه المعلومات قد تُستخدم في التأثير على الرأي العام أو حتى لأغراض استخباراتية، بحسب المخاوف الأمريكية.

هذه المخاوف زادت مع التوتر المتصاعد بين واشنطن وبكين في مجالات التكنولوجيا والتجارة والسياسة.

ثالثًا: السيطرة على التكنولوجيا والابتكار

تيك توك يمثل نموذجًا متطورًا في الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي، التي تساعد على فهم سلوك المستخدمين وتقديم محتوى مخصص لهم.

السيطرة على هذه التكنولوجيا تمنح الولايات المتحدة ميزة اقتصادية واستراتيجية كبيرة، خصوصًا في سوق البيانات الرقمية والإعلانات، إضافة إلى تعزيز القدرة على المنافسة التقنية عالميًا.

رابعًا: لماذا تيك توك بالذات؟

اختيار تيك توك لم يكن صدفة، بل يجمع التطبيق عدة عناصر تجعل منه هدفًا مميزًا:
1- انتشار واسع بين الشباب الأمريكي، وهذا الأمر يجعله وسيلة قوية للتأثير على جيل كامل.

2- تجميع بيانات ضخمة وتحليلها باستخدام خوارزميات متقدمة، الأمر الذي يمنح المنصة قوة معلوماتية كبيرة.

3- أصول صينية، وهو ما يثير مخاوف واشنطن بشأن تأثير بكين المحتمل على الأمن المعلوماتي والسياسي.

خامسًا: استراتيجيات محتملة للتحكم أو الاستحواذ

هناك عدة طرق قد تلجأ إليها الولايات المتحدة للسيطرة على تيك توك، منها:

-الاستحواذ المالي عبر شراء حصص كبيرة أو فصل العمليات الأمريكية عن الصينية.

-التنظيم والرقابة من خلال قوانين تلزم المنصة بفتح شفافية خوارزمياتها وحماية بيانات المستخدمين.

-الضغط السياسي والقانوني باستخدام التشريعات الأمريكية لفرض تغييرات هيكلية أو حتى تقييد التشغيل في حال عدم الامتثال.

وبذلك نصل إلى نهاية الموضوع اهتمام الولايات المتحدة بتيك توك لا يقتصر على الجانب المالي، بل يمتد ليشمل الأمن القومي، والسيطرة التكنولوجية، والتأثير الثقافي والسياسي. تيك توك، بانتشاره الكبير وخوارزمياته المتقدمة وأصوله الصينية، يمثل هدفًا استراتيجيًا فريدًا، وهو ما يفسر التركيز الأمريكي عليه بشكل خاص.

اقرأ أيضًا:  ترامب في الأمم المتحدة: بين “الخطاب التاريخي” و”الكوميديا السوداء”

 

ليما الملا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *