راغب علامة بين جماهير تعشقه ونقابة تحاسبه فهل من مخرج؟
كانت مجرد لحظة عفوية، التقطتها الكاميرا من زاوية فتحت أبواب التأويل. فتاة تصعد إلى المسرح، لحظة دافئة عابرة وسط حماس جمهور يعشق فنانًا يغني من قلبه… لكن ما بدا عاديًا في عيون البعض، تحوّل في نظر النقابة إلى تجاوز استدعى الوقوف عنده.
لكن ما حدث بعدها، لم يكن مجرّد تعليق على السوشال ميديا، بل تصعيد رسمي، وقرار من نقابة المهن الموسيقية بإيقاف راغب علامة عن الغناء في مصر، وتحويله للتحقيق، وتأجيل حفله الذي كان مقرراً في 2 أغسطس.
ما الخطأ؟ وما المبالغة؟
في زمن تُراقب فيه حياة الفنانين بعدسات لا ترحم، تتحول التفاصيل الصغيرة إلى كرة ثلج تتدحرج سريعًا.
راغب علامة، المعروف برقيّه وجماهيريته العريضة في مصر والعالم العربي، وجد نفسه فجأة أمام تهمة “الإخلال بالذوق العام” لمشهد لم يكن مقصودًا، ولا مخططًا له، بل نتج عن تفاعل مباشر بين فنان وجمهوره في أجواء احتفالية. لكن مصر ليست كأي مسرح. لها تقاليدها واعتباراتها. وهنا كان الاصطدام.
هل امتص راغب علامة الصدمة بهدوء أم أخفى عتبًا خلف الكلمات؟
رغم ما بدا أنه حملة هجومية، اختار راغب أن يرد بأسلوب هادئ، مؤكدًا احترامه للنقابة والنقيب، وموضحًا أن المشهد لم يكن أكثر من لحظة عاطفية من معجبة ولم يرفضها بدافع إنساني لا غرور فيه ولا تجاوز.
وفي منشوره على منصة “إكس”، قالها بصراحة: “النقيب أخ وفنان محترم، وما حدث لا يستدعي كل هذا التصعيد.”
كيف يمكن تسوية الأزمة بذكاء؟
بدلًا من تعميق الخلاف، يمكن للطرفين اعتماد حلول تحفظ كرامة الفنان وتؤكد احترام النقابة لقواعدها. من هذه الحلول:
1- التحقيق الودي داخل النقابة: حيث يتم الاستماع للفنان راغب في أجواء بعيدة عن الاتهام، بهدف فهم سياق ما حدث لا محاكمته.
2- إصدار بيان توضيحي مشترك: يؤكد احترام الطرفين لبعضهما، ويضع حدًا لأي اجتهادات خاطئة أو استغلال إعلامي للحدث.
3- تنظيم ورش توعية للفنانين العرب: حول الخصوصية الثقافية للمجتمعات المختلفة، بما فيها مصر، لتجنب سوء الفهم.
4- تحديد إطار واضح لسلوكيات المسرح: ضمن لائحة محدثة تراعي التعبير الفني دون الإخلال بالتقاليد.
بعد العاصفة هل يُمكن إسكات صوت أحبّته الجماهير؟
اقرأ أيضًا: راغب علامة على موعد مع جمهوره بحفل ضخم في باريس
راغب علامة ليس غريبًا عن مصر. هو فنان أحبّها منذ بداياته، وغنّى لها كما لو أنها وطنه الثاني. ومصر بدورها احتضنته نجمًا عربيًا محبوبًا. لذلك، من المؤسف أن تُغلق المسارح أمامه بسبب لحظة، قد تكون وُصفت بأكثر مما تستحق.
ما بين الفن والرقابة، يبقى الحل في الحوار لا في المنع، وفي التفاهم لا في التصعيد. وربما تكون هذه الأزمة القصيرة، بداية حوار أطول حول طبيعة العلاقة بين الفنان العربي والجمهور المصري، بما يحمي الذوق العام دون أن يُخنق الإبداع.
ليما الملا