برحيل بريجيت باردو، تطوي السينما الفرنسية والعالمية صفحة استثنائية من تاريخ الفن السابع. اسم اختُصر بحرفين فقط: BB، لكنه حمل خلفه ثورة جمالية وثقافية غيّرت صورة المرأة على الشاشة، وأعادت تعريف النجومية، قبل أن تختار صاحبته الانسحاب في ذروة المجد لتخوض معركة مختلفة تماماً: الدفاع عن الحيوانات.
منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته، كانت بريجيت باردو المرأة الأكثر حضوراً وعدسةً وملاحقةً في العالم. لم تقدّم نفسها كمنظّرة للتحرّر النسوي، بل جسّدته بعفوية مطلقة، ما جعلها رمزاً غير قابل للتكرار. ورغم هذا الإرث، لطالما رفضت تصنيفها كأيقونة نسوية، مؤكدة أنها لم تفعل سوى أن تكون نفسها، بلا أقنعة أو شعارات.
بريجيت باردو من انطلاقة صادمة إلى شهرة عالمية
وُلدت باردو عام 1934، وبدأت حياتها الفنية راقصة باليه قبل أن تكتشفها السينما. التحوّل المفصلي جاء عام 1956 مع فيلم وخلق الله… المرأة، الذي أحدث صدمة أخلاقية وفنية وفتح لها أبواب الشهرة العالمية دفعة واحدة. بعدها، توالت الأعمال الناجحة التي رسّخت حضورها، وصولاً إلى الازدراء، حيث تحوّل أحد مشاهدها إلى أيقونة خالدة في تاريخ السينما.
لم تكتفِ بالتمثيل، بل دخلت عالم الغناء وحققت نجاحات لافتة، وارتبط اسمها بأغانٍ لا تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية. حتى رمز الجمهورية الفرنسية «ماريان» حمل ملامحها، في ذروة الاعتراف الرسمي بمكانتها الثقافية.

الانسحاب الكبير: حين قالت لا للشهرة
في منتصف السبعينيات، فاجأت العالم بقرار اعتزالها النهائي، رافضة عروض هوليوود وأضواء النجومية. الشهرة، كما قالت لاحقاً، تحوّلت إلى عبء نفسي خانق. لم تعد قادرة على العيش بحرية، ولا على تحمّل حياة الاستعراض الدائم. اعتزالها لم يكن هروباً، بل خياراً واعياً لإنقاذ ذاتها.
حياة ثانية بعنوان: الدفاع عن الحيوانات
بعد الاعتزال، كرّست باردو حياتها لقضية الرفق بالحيوان. أسست مؤسسة تحمل اسمها، وأطلقت حملات ضد الصيد، والفراء، وسوء المعاملة. واجهت السخرية والانتقادات، لكنها لم تتراجع، معتبرة هذا المسار أهم وأصدق ما أنجزته في حياتها.

الجدل الذي طغى على الأسطورة
غير أن سنواتها اللاحقة لم تخلُ من عواصف. مواقف سياسية وتصريحات صادمة أدّت إلى إدانات قضائية، وخلقت شرخاً عميقاً بين صورتها الفنية وإرثها الإنساني. شيئاً فشيئاً، طغى الجدل على إنجازها السينمائي، وأصبح اسمها مثقلاً بالانقسام.
الخاتمة التي تُبقي الجدل حيّاً
برحيل بريجيت باردو، لا يرحل مجرد نجم سينمائي، بل شخصية مركّبة عاشت على الحافة دائماً: بين الضوء والظل، بين المجد والعزلة، بين الأسطورة والإنسانة. ستبقى حاضرة في الذاكرة، لا كصورة مثالية، بل كحكاية كاملة عن الحرية، والثمن، والاختيار.
اقرأ أيضًا: 2025 سنة الصدمات والنجاحات في الفن العربي: وفيات مؤلمة، انفصالات مدوّية، وأعمال صنعت الجدل
ليما الملا

منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

