زياد الرحباني وبرنارد شو تلاقٍ فني يجمع عبقرية المسرح

زياد الرحباني وبرنارد شو تلاقٍ فني يجمع عبقرية المسرح

في قلب بيروت، حيث تتداخل أصوات الموسيقى مع ضجيج الحياة اليومية، وُلِد أحد اهم فناني العالم العربي، زياد الرحباني.

وُلِد في 1 يناير 1956 لعائلة فنية، حيث كانت والدته، فيروز، أسطورة الطرب العربي، ووالده عاصي الرحباني، رائد الموسيقى اللبنانية. هذه البيئة غَرَست فيه حب الفن والإبداع منذ نعومة أظافره.

منذ صغره، كان زياد يلاحظ معاناة الناس من حوله. كانت الأزمات الاجتماعية والسياسية تُعكر صفو حياتهم، لكنه كان يملك موهبة فريدة في تحويل هذه المعاناة إلى فن.

بدأ بتأليف الموسيقى وكتابة النصوص المسرحية، يربط بين الكوميديا والدراما، مستلهمًا من برنارد شو، الكاتب المسرحي الإنجليزي الشهير الذي عُرف بنقده اللاذع للمجتمع.

برنارد شو
برنارد شو

تمكن زياد من دمج الموسيقى العربية التقليدية مع المسرح الحديث، حيث قدم عروضًا تميزت بالمزج بين الفكاهة والجدية.

تتالت نجاحاته، وتوالت عروضه، لتصبح مسرحياته محطات رئيسية في الثقافة اللبنانية. كان دائمًا يؤكد بكلماته وأسلوبه الساخر في المسرحيات والأغاني: “سأعبر عن ما يريده الناس، فقد آن الأوان لإيصال أصواتهم”.

مسرحية “ميس الريم”، التي تتضمن أغنية “هالسيارة مش عم تمشي”، تصف واقع الحرب الأهلية عبر إسقاطات سياسية عميقة معبرة عن خطورة الوضع ومعاناة الناس.

زياد الرحباني في حالة مرض
زياد الرحباني في حالة مرض

مع بداية العرض، اجتمع الجمهور بين ضحكات ومشاعر مؤلمة. هذا التنوع في المشاعر جعلهم يشعرون بأنهم جزء من القصة.

ومع مرور الوقت، بدأ يتضح أن الراحل زياد لم يكن مجرد فنان، بل كان مؤثرًا سياسيًا واجتماعيًا. كانت نصوصه تتناول القضايا الحساسة، وتطرح سؤالاً: “ماذا يعني أن تكون مواطنًا في بلد يعاني من الفوضى؟”. العديد من عبارات زياد أصبحت خالدة، يُستشهد بها دائماً.

لكن التحديات لم تكن بعيدة. فقد عانى زياد من الانتقادات والهجمات، حيث لم يتقبل الجميع أسلوبه الجريء. ومع ذلك، كان يؤمن بأن على الفن أن يكون صادقًا، مهما كانت العواقب. “إذا لم نتحدث عن حقيقتنا، فماذا نفعل هنا؟” كان يقول.

تجاوزت شهرة زياد حدود لبنان. صار لديه جمهور واسع في العالم العربي، وصار العديد من الفنانين يحاكون أسلوبه. لكن رغم جميع النجاحات، كان متواضعًا، وهمه إيصال الحقيقة بطريقته الساخرة. كان يتحلى بروح الدعابة، يُحب مشاركة القصص مع أصدقائه، يسخر من مشاعره كطفل في عالم معقد.

وعلى فراش المستشفى، كان مبتسمًا وكأنه يعلن أنه لا يخشى المرض أو الموت، وربما كان يشعر أن وقت رحيله قد اقترب. “لكل بداية نهاية، لكن الفن لا يزول”، وكأنما يبتسم ويقول ذلك.

توفي زياد الرحباني في 26 يوليو 2025 تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من الأعمال الفنية والنصوص التي ستستمر في التأثير على الأجيال القادمة.

اقرأ أيضًا: الرئيس جوزيف عون يمنح الفنان زياد الرحباني وسام الأرز الوطني بعد وفاته

عندما تتجول في مقاهي بيروت اليوم، ستسمع قصصًا عنه وروايات جميلة. سيبقى “برنارد شو العرب” في قلوبهم. ترك الراحل زياد بصمة في كل روح لبنانية وعربية، حيث يدرك الجميع أن الحياة تتجاوز اللحظات، فهي قصص تُحكى وذكريات نعود إليها كلما اشتقنا إليها.

ليما الملا

1
0

المشاركات الشهيرة

سلافة معمار بطلة الخائن هكذا تعامل الطفلة (زينة) في الكواليس ومن تكون الطفلة ومعلومات لأول مرة عنها! – فيديو

Taylor Swift’s Super Tuesday Urge to Vote Sparks Debate! – Document & Photo