في خطوة قلبت الموازين وأعادت الأضواء إلى واحدة من أكثر القضايا الفنية والإنسانية إثارة للجدل في لبنان، سلّم الفنان فضل شاكر نفسه للسلطات اللبنانية بعد أكثر من عقد من الملاحقات والأحكام الغيابية.
هذه الخطوة، التي وُصفت بالجريئة، لم تكن هروبًا من الماضي، بل عودة واثقة إلى ساحة العدالة لإثبات البراءة، بعد سنوات من الغياب القسري عن الضوء.
منذ بداية الأزمة، كان الفنان فضل شاكر ضحية تداخل السياسة بالإعلام، إذ صُوّر كأنه “عدو للدولة” رغم أن الأدلة التي أُسندت إليه لم تكن حاسمة.
واليوم، ومع تغيّر المناخ القانوني في لبنان، بات واضحًا أن مرحلة المحاكمات الغيابية انتهت، وأن المحاكمة العادلة هي الميدان الحقيقي لإظهار الحقيقة.
فبمجرد تسليم نفسه، سقطت الأحكام الغيابية تلقائيًا وبدأت الإجراءات لإعادة النظر في ملفه من جديد، وهي خطوة قانونية تُعيد التوازن بين الادعاء والدفاع.
الأوساط القانونية تشير إلى أن موقف فضل شاكر قوي لعدة أسباب. أولًا، لأنه بُرِّئ سابقًا من تهمة المشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني في أحداث عبرا عام 2013، بعد أن أثبت القضاء عدم وجود دليل يربطه مباشرة بأي عمل مسلح.
ثانيًا، معظم التهم الأخرى بُنيت على شهادات إعلامية وتصريحات غير موثقة قانونيًا، ما يضعف موقف الادعاء العام. ثالثًا، إن تسليمه نفسه طوعًا يؤكد ثقته بالقضاء، ويعطيه الحق في الدفاع عن نفسه أمام محكمة علنية، بعد أن حُرم من هذا الحق لسنوات.
مقارنةً بحالات مشابهة في المنطقة، نلاحظ أن كثيرين من الفنانين أو الشخصيات العامة الذين خضعوا لمحاكمات سياسية أو إعلامية حصلوا على البراءة لاحقًا عندما ظهرت الحقيقة داخل أروقة القضاء لا على شاشات التلفاز. العدالة – وإن تأخرت – لا تموت، وفضل شاكر اليوم يمثل هذا المبدأ بوضوح.
تبدّل المزاج الشعبي أيضًا يلعب دورًا. فالرأي العام لم يعد يرى شاكر كرمز للتمرد، بل كإنسان أخطأ في التعبير السياسي أو أُسيء فهم موقفه.
هذا التحول في النظرة المجتمعية يمنح قضيته بعدًا إنسانيًا، ويُعيد له صورته كفنان حمل في صوته رسالة حب وسلام قبل أن تحاصره العناوين السياسية.
الآن، ومع انطلاق التحقيقات الجديدة، تبدو البراءة ممكنة بل ومنطقية، إن توفّرت المحاكمة النزيهة والشفافة التي يطالب بها. فالرجل لم يعد يهرب، بل يواجه، يحمل إيمانه بعدالة قضيته، ويعود ليقول: “أنا هنا، دعوا الحقيقة تتكلم”.
وفي بلد أنهكته الانقسامات، قد تكون براءة فضل شاكر أكثر من حكم قضائي؛ إنها رسالة أمل بأن العدالة يمكن أن تنتصر أخيرًا على الضجيج.
اقرأ أيضًا: الجيش اللبناني يصدر بيانًا رسميًا بشأن فضل شاكر؟
ليما الملا