منصّة كوليس منصّة كوليس الفنية لأخبار النجوم
لم يكن مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ82 مجرّد تظاهرة فنية عابرة هذا العام، بل بدا وكأنه منصة مفتوحة لصوت إنساني واحد: فلسطين.
فخلف السجادة الحمراء والعدسات اللامعة، علت أصوات تطالب المهرجان بأن يتخذ موقفاً واضحاً من المأساة الإنسانية المتواصلة في غزة.
فنانون يرفعون النداء
المبادرة جاءت من مجموعة أطلقت على نفسها اسم “فينيسيا من أجل فلسطين”، وضمت نخبة من المخرجين العالميين مثل ماركو بيلوكّيو، ماتيو غاروني، وأليس رورفاخر. هؤلاء وقّعوا رسالة وُجّهت إلى المهرجان ومؤسسة “البينالي” عبّرت عن صرخة ضمير: “لن يستطيع أحد أن يقول يوماً إنه لم يكن يعرف.
فالمجازر تُبث أمام أعيننا منذ ما يقارب العامين”. الرسالة لم تكتفِ بالتنديد، بل طالبت بموقف شجاع يدين ما وصفته بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين.
ولم يكن هؤلاء وحدهم؛ إذ وقّعت الرسالة أيضاً المخرجة الفرنسية أودري ديوان، الحائزة على الأسد الذهبي، إلى جانب الثنائي الفلسطيني عرب وطرزان ناصر اللذين لفتا الأنظار هذا العام في “كان” بفيلمهما Once Upon a Time in Gaza.
رد المهرجان… الفن كمساحة للحوار
إدارة المهرجان لم تقف صامتة، بل أكدت في بيان رسمي أن تاريخ فينيسيا لطالما كان منفتحاً على النقاش والقضايا الكبرى.
واستشهدت بأمثلة حيّة من برنامجه، مثل فيلم The Voice of Hind Rajab للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي يتناول مأساة الطفلة الفلسطينية هند رجب (5 سنوات) التي قُتلت في غزة عام 2024.
الفيلم اعتمد تسجيلات حقيقية لنداء الطفلة الأخير، ما جعل عرضه لحظة مؤثرة تركت أثرها العميق في مدير المهرجان ألبرتو باربيرا شخصياً.
كما ذكّر البيان بأن المهرجان عرض في دورته السابقة الفيلم الإسرائيلي Of Dogs and Men، الذي تناول أحداث 7 أكتوبر من منظور مختلف، مؤكداً أن “البينالي كما كان دائماً، منفتح على الحوار لا على الاصطفاف.”
احتجاجات خارج القاعات
بالتوازي مع العروض والبيانات، شهدت شوارع فينيسيا تظاهرات داعمة لفلسطين، رُفعت فيها الأعلام الفلسطينية، وأُعلن عن تنظيم مسيرة بعنوان “فلسطين حرة.. أوقفوا الإبادة”.
وظهرت أيضاً دعوات لمقاطعة بعض النجوم، مثل غال غادوت وجيرارد باتلر، بسبب مواقفهم السياسية، لكن باربيرا شدّد على أن المهرجان “ليس منصة لإقصاء الفنانين”.
المخرج سورينتينو: كلمة الحق وسط الأضواء
وفي افتتاح المهرجان، لم يتردد المخرج الإيطالي الشهير باولو سورينتينو في وصف ما يحدث في غزة بـ”الإبادة الجماعية”، عندما وُجهت له أسئلة عن ارتباط موزّع فيلمه La Grazia بشركات لها صلات بالجيش الإسرائيلي.
ورغم محاولات المنظمين إبقاء الحوار في دائرة الفن، فإن تصريحاته أعادت البوصلة إلى قلب القضية.
مأساة غزة في الأرقام
وفي خلفية كل هذه الأصوات، أعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي رسمياً حالة المجاعة في غزة، بعد شهور من إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات منذ مارس الماضي. لتأتي صرخة السينمائيين وكأنها مرآة لواقع لم يعد ممكناً تجاهله.
الخلاصة:
ما حدث في فينيسيا 2025 يثبت أن السينما لم تعد مجرد شاشة تضيء القاعات، بل منبر يُسمع منه صوت المظلومين.
وبينما يصرّ المهرجان على دوره كمساحة للحوار، فإن العالم كلّه يترقب: هل يستطيع الفن أن يغيّر المعادلة، أم سيبقى شاهداً فقط على المأساة؟
اقرأ أيضًا: “كارثة من صنع البر” مارك رافالو يناشد العالم لوقف المجاعة في غزة
ليما الملا
