في برنامج «معكم منى الشاذلي»، يتجدد الرهان على الإعلام الإنساني الهادئ، البعيد عن الإثارة المجانية، والقائم على احترام التجربة البشرية كما هي. هذا ما ظهر بوضوح في اللقاء الأخير الذي جمع الإعلامية منى الشاذلي بالفنانة ياسمين عبدالعزيز، في حلقة اتسمت بالصدق، والبساطة، والابتعاد عن المبالغة أو الاستعراض.
أدارت منى الشاذلي الحوار بحرفية عالية، مؤكدة مرة جديدة مكانتها كواحدة من ألمع الإعلاميات العربيات، حيث نجحت في خلق مساحة آمنة للحوار، بعيدًا عن الضغط أو اقتناص العناوين الصادمة. أسئلتها جاءت متزنة، وإيقاع الحلقة منح الضيفة فرصة التعبير عن نفسها دون مقاطعة أو توجيه.
أما ياسمين عبدالعزيز، فظهرت بصورة مختلفة عن الصورة النمطية التي يفرضها البعض على النجوم. لم تكن في موقع تبرير، ولا في حالة استعراض قوة مصطنعة، بل تحدثت كامرأة مرّت بتجربة شخصية صعبة، وتعلّمت منها، واعترفت بتأثيرها عليها دون ادّعاء أو تجميل. هذا الظهور الصادق يعني نضجًا إنسانيًا قبل أن يكون فنيًا.
ورغم الطابع الإنساني للحلقة، لم تسلم من موجة انتقادات خرجت عن إطار التحليل الفني أو الإعلامي، لتتحول إلى أحكام سطحية وسخرية لا تضيف أي قيمة حقيقية للنقاش. وهنا نجد حقيقة لا يمكن تجاهلها: النقد إن لم يكن بناءً، فهو آفة اجتماعية خطيرة.
النقد البنّاء يهدف إلى الفهم والتطوير، بينما النقد الهدّام يقوم على التقليل، والتشويه، وتحويل التجارب الإنسانية إلى مادة للتهكّم. هذا النوع من الهجوم لا يترجم قوة رأي، بل يكشف فقرًا في الرؤية وغيابًا للمسؤولية الإعلامية.
في «معكم منى الشاذلي»، شاهدنا نموذجًا لإعلام يحترم ضيفه، وفنانة تحترم نفسها وجمهورها، وتقدّم تجربتها كما هي، دون أقنعة. وبين هذا وذاك، يبقى السؤال الأهم:هل نحتاج إلى نقد يضيف ويفهم؟
أم إلى ضجيج رقمي يستهلك نفسه دون أثر؟ الفرق واضح، والاختيار مسؤولية الجميع.
منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

