ليما الملا تكتب: لماذا صعد ترامب إلى سطح الجناح الغربي؟
بدأ يوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كالمعتاد: مقابلة تلفزيونية، يليها اتصال رسمي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
إلا أن الساعات التالية حملت تطورًا غير متوقّع حين رُصد ترامب واقفًا على سطح الجناح الغربي للبيت الأبيض، في مشهد غير مسبوق في تاريخ الرئاسة الأمريكية.
في وقت متأخر من صباح الثلاثاء، خرج ترامب من باب متصل بغرفة الطعام الرسمية وتوجه إلى سطح يقع فوق غرفة قاعة اللقاءات الصحفية والممر الغربي المطل على حديقة الورود.
وقد قضى نحو عشرين دقيقة يتجوّل على السطح، يتفقد الحديقة والممرات الجديدة التي خضعت مؤخرًا لأعمال تجديد.
ماذا وراء الظهور المفاجئ لترامب على سطح البيت الأبيض؟
لم تمرّ اللحظة دون انتباه الصحفيين؛ فالمشهد كان غير اعتيادي من كل الجوانب. لاحظ المراسلون وجود عناصر قناصة في مواقع لم تكن معتادة فوق المكتب البيضاوي، ما دفعهم للترقب، حتى ظهر الرئيس فجأة على السطح.
تعالت الأصوات من الأسفل، وصرخ أحد المراسلين:
“سيدي، لماذا أنت على السطح؟”
لكن ترامب لم يجب، واكتفى بالتجول والتحديق في المساحات الخضراء أسفل منه، وسط دهشة الحاضرين.
هل كان ظهور ترامب رسالة رمزية أم استعراضًا سياسياً؟
تُعيد هذه الحادثة إلى الأذهان نمطًا سلوكيًا متكرّرًا في شخصية دونالد ترامب، يجمع بين حب الظهور في مواقف غير تقليدية والنزعة المسرحية في التعامل مع الإعلام والرأي العام. ومن وجهة نظر تحليلية، يمكن تفسير التصرف بعدة زوايا:
1. الرسائل الرمزية المتعمدة
قد يكون الصعود إلى سطح البيت الأبيض تصرفًا رمزيًا يحمل عدة إشارات: سيطرة، رؤية أوسع، أو رغبة في توصيل رسالة مفادها أنه “فوق كل ما يحدث في الداخل”. ترامب لطالما استخدم الرمزية في ظهوره العلني، سواء بالتصوير أمام الكنائس أو عند ارتدائه كمامة للمرة الأولى.
2. السلوك الاستعراضي كوسيلة للهيمنة
الظهور في مكان غير معتاد، وبدون إعلان مسبق، يسمى بـالسلوك الاستعراضي، حيث يسعى الشخص إلى جذب الانتباه، وربما إعادة ضبط المشهد الإعلامي لصالحه. وهو أمر يتوافق مع نمط ترامب المعروف بإرباك خصومه بإطلالات غير متوقعة.
3. كسر التقاليد السياسية
تاريخ ترامب السياسي مليء بالمواقف التي تحدى فيها الأعراف والبروتوكولات الرئاسية. صعوده إلى سطح مقر الحكم الأمريكي الأرفع دون إعلان أو مرافقة رسمية، قد يكون تأكيدًا على رفضه للقيود المؤسسية، وسعيه المستمر لإعادة تعريف دور “الرئيس” وفق معاييره الشخصية.
4. البُعد النفسي والشعور بالعزلة
في علم النفس، يمكن أن نفهم التصرفات غير التقليدية كنوع من الانفصال المؤقت عن الواقع التقليدي، أو حتى الرغبة اللاواعية في الانعزال والابتعاد عن التوتر. السطح، بموقعه المرتفع والمعزول، يمثل مسرحًا مثاليًا لشخص يبحث عن مساحة “خاصة” وسط عاصفة سياسية أو ضغط إعلامي.
هل نحن أمام حالة فردية أم نمط سلوكي مستمر؟
بالنظر إلى تاريخ ترامب، فيمكن اعتبار هذه الحادثة ليست استثناءً، بل استمرار لنمط اتصالي وسياسي اعتاد فيه الرئيس كسر التوقعات. لكن في ذات الوقت، فإن تصرفًا بهذا الشكل، خصوصًا في مؤسسة بحجم البيت الأبيض، يطرح تساؤلات مشروعة عن حدود السلوك الرئاسي، وضوابط البروتوكول في النظام الأمريكي.
بالفعل المشهد أقصر من أن يُنسى، لكنه أطول من مجرد لحظة قد لا تتجاوز مدة ظهور ترامب على السطح بضع دقائق، لكنها ستبقى محفورة في أرشيف الرئاسة الأمريكية كإحدى اللحظات التي قلب فيها المشهد التقليدي لحاكم الدولة الأقوى في العالم.
اقرأ أيضًا: أزمة جديدة في واشنطن بعد أن فعل ترامب هذا الشيء؟
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض هذا الظهور مجرد عرض جانبي لا يحمل أهمية سياسية، يرى آخرون فيه نافذة لفهم شخصية معقدة، تجمع بين الذكاء الاتصالي، وحب الظهور، والتمرد على القيود.
وفي كل الأحوال، فإن هذا التصرف يؤكد مجددًا أن دونالد ترامب يعرف جيدًا كيف يسرق الكاميرا والأنظار.
ليما الملا