لم يعد الخلاف بين الفنانة شيرين عبدالوهاب والمنتج محمد الشاعر مجرد أزمة عابرة في كواليس صناعة الموسيقى، بل تحوّل خلال عام 2025 إلى واحدة من أكثر القضايا الفنية تعقيدًا على الساحة العربية، بعدما تشابكت فيها خيوط القانون، العقود الرقمية، والملكية الفكرية، وصولًا إلى حكم قضائي لصالح محمد الشاعر شكّل نقطة تحوّل مهمة في مسار النزاع.
القضية، التي بدأت بهدوء خلف الأبواب المغلقة، خرجت سريعًا إلى العلن، لتصبح نموذجًا حيًا لصراع جديد فرضه العصر الرقمي على العلاقة بين الفنان والمنتج، حيث لم تعد الأغنية وحدها محل الخلاف، بل الحسابات الإلكترونية، العقود، وحقوق الإدارة الرقمية.

من الخلاف الإداري إلى المواجهة القضائية
تعود جذور الأزمة إلى عام 2023، حين تقدّمت شيرين عبدالوهاب ببلاغات رسمية تتعلّق بإدارة أعمالها الفنية وحساباتها الرقمية، معتبرة أن بعض الأغاني نُشرت أو أُديرت دون موافقة مباشرة منها. هذه الخطوة فتحت الباب أمام سلسلة دعاوى قانونية متلاحقة، نقلت الخلاف من طاولة التفاوض إلى أروقة النيابة والمحاكم.
في المقابل، اعتبر محمد الشاعر أن الاتهامات المعلنة تجاوزت الإطار القانوني، وذهب إلى القضاء لحماية اسمه المهني، لتبدأ مرحلة جديدة عنوانها: القانون بدل البيانات.
السب والقذف… أول حكم يكشف ملامح الصراع
في مارس 2024، أصدرت محكمة جنح الشيخ زايد حكمًا في دعوى السب والقذف المقامة من محمد الشاعر ضد شيرين عبدالوهاب، انتهى بتغريم الفنانة ماليًا. ورغم أن الحكم وُصف حينها بأنه محدود الأثر، إلا أنه كان بمثابة إشارة واضحة إلى أن القضية لن تنتهي سريعًا، وأن النزاع دخل مسارًا قانونيًا طويل النفس.
الحسابات الرقمية في قلب الأزمة
الأخطر في القضية لم يكن فقط تبادل الاتهامات، بل انتقالها إلى المحكمة الاقتصادية، حيث رُفعت دعاوى تتعلّق بالسيطرة على الحسابات الرقمية، وقناة يوتيوب، وإدارة المحتوى الفني. هذا التطور سلّط الضوء على ثغرة شائعة في الوسط الفني: غموض العلاقة القانونية بين الفنان ومن يدير حضوره الرقمي.
عدة جلسات وتأجيلات شهدها عام 2025، إلى أن وصلت القضية إلى واحدة من أكثر نقاطها حساسية: اتهام بتزوير عقد.
العقد محل النزاع… والحكم الفاصل
اتهمت شيرين عبدالوهاب المنتج محمد الشاعر وشقيقه بتزوير عقد إدارة حساباتها الرقمية الموقّع عام 2018، معتبرة أن التوقيع لا يعود لها. هذا الادعاء دفع المحكمة إلى الاستعانة بلجنة الطب الشرعي لفحص المستندات.
وفي ديسمبر 2025، صدر الحكم الأساسي: عدم ثبوت التزوير، وصحة توقيع العقد وتاريخه، وهو الحكم الذي اعتُبر انتصارًا قانونيًا واضحًا لصالح محمد الشاعر، وأعاد ترتيب موازين القضية من جديد.
قضية لم تُغلق بعد
رغم الحكم، لم يُسدل الستار بعد. محامو شيرين عبدالوهاب أكدوا استمرار الطعون القانونية، مع تحديد جلسة جديدة في يناير 2026، ما يعني أن الملف لا يزال مفتوحًا، وأن فصول النزاع لم تُكتب نهايتها بعد.

أبعاد تتجاوز الأشخاص
هذه القضية لا تخص شيرين عبدالوهاب أو محمد الشاعر فقط، بل تكشف عن أزمة أعمق في صناعة الموسيقى العربية، حيث تتداخل العقود الرقمية، الملكية الفكرية، وإدارة الحسابات الرسمية في مساحة قانونية معقّدة، غالبًا ما تُهمل حتى تقع الأزمة.
بين التعاطف والانقسام الجماهيري
كالعادة، انقسم الرأي العام. فريق رأى في شيرين فنانة تدافع عن حقها وحريتها الرقمية، وفريق آخر اعتبر أن اللجوء المتكرر إلى القضاء أضرّ بصورتها الفنية. وبين هذا وذاك، بقيت الحقيقة القانونية هي الفاصل الوحيد.
اقرأ أيضًا: منع شيرين من رؤية أبنائها؟ الحقيقة الكاملة وراء العاصفة… وما الذي يتحضّر سراً لعودتها في ديسمبر؟
ليما الملا
منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

