بعد مسيرة إعلامية امتدّت لأكثر من ربع قرن، يعود الإعلامي المخضرم نيشان ديرهارتيونيان إلى الشاشة من بوابة برنامج «نيشان X»، في عودة قد تبدو للوهلة الأولى امتدادًا طبيعيًا لمسار مهني حافل، لكنها في العمق تحمل ملامح مختلفة، وأكثر نضجًا وهدوءًا.
منذ بداياته الأولى، دخل نيشان عالم البرامج الحوارية بقوة وحماس، واستطاع خلال سنوات قليلة أن يفرض اسمه كأحد ألمع مقدّمي البرامج في العالم العربي.
لم يكن نجاحه وليد الصدفة، بل نتيجة عفوية صادقة، وذكاء في إدارة الحوار، وقدرة فريدة على خلق مساحة آمنة للضيف، تجمع بين المهنية والإنسانية.
في «نيشان X»، يبتعد نيشان عن البهرجة الإنتاجية التي طبعت بعض تجاربه السابقة، ويختار ديكورًا بسيطًا أقرب إلى أجواء حوارية مباشرة، لكن دون أن يتحوّل إلى استجواب قاسٍ أو تصادمي.
هنا، لا يعتمد البرنامج على التسلسل التقليدي للأسئلة، ولا يغوص في أرشيف الطفولة والبدايات، بل يركّز على تفاصيل شخصية وإنسانية كانت في زمن سابق كفيلة بصناعة الحدث الإعلامي، قبل أن تبتلعها سرعة «الترند» ومنصّات التواصل الاجتماعي.
ورغم بساطة الشكل، يبقى الحضور الشخصي لنيشان هو العنصر الأقوى. عفويته، لغته الهادئة، واحترامه لضيفه، كلها عوامل تفسّر كيف استطاع أن يستمر ويتألق في مشهد إعلامي متقلّب، فقد فيه كثيرون بريقهم مع تغيّر الأدوات والمنصّات. نيشان لم ينجُ فقط من الاستهلاك، بل أعاد تقديم نفسه بما يليق بتجربته.
قدّمت الحلقة الأولى التي استضافت النجمة نادين نسيب نجيم مثالًا واضحًا على هذا التوجّه، حيث اتّسم الحوار بالهدوء وابتعد عن أي طابع استفزازي، ليقترب من مساحة حوارية ودّية أتاحت للضيفة الظهور بعفوية بعيدًا عن الضغوط الإعلامية، لا سيما في ظل انشغالها بتصوير عملها الدرامي الجديد.
ورغم بساطة الديكور، جاء إيقاع الحلقة هادئًا وإنسانيًا، معبّرًا عن مضمون البرنامج ورؤيته أكثر مما يركّز على شكله الخارجي.
قد يرى البعض أن البرنامج يميل إلى المجاملة، لكن هذا الخيار يبدو واعيًا ومقصودًا، خصوصًا في ظل واقع الإنتاج التلفزيوني الصعب في لبنان، حيث بات التقشّف جزءًا من المعادلة.
هنا، لا يُقاس النجاح بحجم الميزانية، بل بقدرة الاسم الإعلامي على جذب الجمهور، وهو رهان تعرف قناة الجديد جيدًا كيف تكسبه حين يتعلّق الأمر بنيشان.
في سباق البرامج الأسبوعية، يدخل «نيشان X» منافسة مباشرة مع برامج حوارية أخرى، قد تكون أكثر صخبًا أو جدلية، لكن ما يميّزه هو الهدوء المختلف، والحضور الذي لا يحتاج إلى افتعال.
فبين تكرار الأفكار في بعض البرامج المنافسة، يبدو نيشان قادرًا على كسب المشاهد بـ«الكيمياء» لا بالضجيج.
ومع أسماء منتظرة في الحلقات المقبلة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ينجح «نيشان X» في التحوّل من عودة محسوبة الإمكانيات إلى تجربة حوارية تُضيف فعلاً إلى المشهد الإعلامي اللبناني؟
المؤكد أن نيشان، بعفويته وخبرته، ما زال يعرف كيف يحجز لنفسه مكانًا… بلا صراخ.
اقرأ أيضًا: نادين نجيم مع نيشان تكشف أسرارها في اعترافات لأول مرة؟
ليما الملا

منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

