تعد الحروب من أكثر الظواهر تعقيدًا في التاريخ، حيث تتداخل فيها العوامل السياسية والعسكرية والاجتماعية.
ومن المصطلحات التي يجب أن نفهمها جيدًا في سياق الحروب هو مصطلح “الانتصار”.
غالبًا ما يُفهم الانتصار على أنه مجرد تحقيق النصر على العدو في ساحة المعركة، ولكن إذا نظرنا بعين التحليل، نجد أن الانتصار يتجاوز مجرد الأرقام والخسائر.
يمكن القول ان الانتصار هو القدرة على تغيير الواقع وتشكيله بما يتماشى مع مصالح الأطراف المعنية.
الحرب الإيرانية الإسرائيلية
لنأخذ مثالاً حيًّا وهو الصراع الإيراني الإسرائيلي، والذي يمثل حربًا معقدة تتجاوز حدود المعركة التقليدية.
إن طبيعة هذا الصراع تتمثل في تنافس على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتداخل الأبعاد العسكرية والسياسية، ويتفاعل فيها الشعب مع الجغرافيا والدين والثقافة.
مفهوم الصمود والبقاء في الحروب
عند النظر إلى مفهوم الصمود، يجب أن نميز بين البقاء والانتصار. فمثلًا، تتمكن إسرائيل من الصمود والبقاء في وجه التهديدات الإيرانية، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة انتصارها.
إذ إن البقاء في ساحة المعركة هو مجرد تحقيق حالة من الاستقرار النسبي، بينما يتطلب الانتصار القدرة على إحداث تغيير فعلي ودائم في واقع الصراع.

لنلقي نظرة على الوقائع في حرب الشرق الأوسط
في سياق الحرب الإيرانية الإسرائيلية، نجد عدة وقائع تؤكد تعقيد مفهوم الانتصار:
1. الاستمرار في التهديدات: رغم نجاح إسرائيل في التصدي للعديد من الهجمات الإيرانية، إلا أن هذا لا يعني إنهاء التهديد الإيراني. الاستمرار في الصراع يشير إلى أن الانتصار لا يزال بعيد المنال، حيث يتطلب الأمر تسوية شاملة تعالج جذور المسألة.

2. التغيرات الجيوسياسية: يتطلب تحقيق الانتصار في هذه الحرب فهم التغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. فالصراع ليس محصورًا في الحدود التقليدية، وإنما يشمل تحالفات جديدة وتغيرات في القوى الإقليمية. هنا يكون مفهوم الانتصار كقدرة على إعادة تشكيل الموازين السياسية.
3. دور القوى العظمى: إن تدخل القوى العظمى، مثل الولايات المتحدة وروسيا، في الصراع الإيراني الإسرائيلي يؤثر تأثيرًا كبيرًا على موازين القوى. لذلك، يتطلب تحقيق الانتصار تطوير استراتيجيات تأخذ في الاعتبار تدخل هذه القوى ومصالحها.
.
4. الأبعاد الاجتماعية: من المهم فهم كيفية تأثير الحرب على الشعوب في المنطقة. فالصمود من قبل أي طرف قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ إن التحديات الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن تقوض الاستقرار الداخلي وبالتالي تعيق فوز أي طرف.
الخلاصة
مفهوم الانتصار أكثر تعقيدًا مما يبدو، ففي سياق الصراع الإيراني الإسرائيلي، يتجاوز الانتصار مجرد الانتصارات العسكرية، إذ يتعلق أيضًا بالقدرة على تغيير الواقع الجيوسياسي والاجتماعي.
الصمود والبقاء جزء من المعادلة، لكنهما وحدهما لا يكفيان لتحقيق انتصار حقيقي وملموس.
اقرأ أيضًا: مقارنة ترامب بين ضربات إيران وقنابل هيروشيما النووية تثير تساؤلات
تظل الوقائع في الشرق الأوسط تذكيرًا بأن الحرب، بأبعادها المختلفة، تخلق تحديات يجب تجاوزها، مما يجعل توافر استراتيجيات شاملة ومرنة أمرًا ضروريًا.
في ظل تغيرات المنطقة، كيف يمكن تفسير مفهوم الانتصار من زوايا متعددة، وما هي المعايير التي يمكن أن تحدد نجاحه أو فشله في رأيكم؟
ليما الملا
منصّة كوليس منصّة كوليس الفنية لأخبار النجوم

