هدى بيوتي… بين حرية التعبير وخطر التلاعب بالمحتوى على السوشيال ميديا
لم يكن مقطع الفيديو الذي نشرته هدى قطان، مؤسسة علامة “هدى بيوتي”، مجرد رأي عابر على منصة تيك توك، بل شرارة أشعلت جدلاً واسعاً تجاوز حدود الجمال والأزياء إلى عمق السياسة والتاريخ.
الفيديو الذي تضمّن ادعاءات تاريخية غير دقيقة حُذف بسرعة من المنصة بحجة مخالفته لإرشادات المجتمع، لكن تداعياته استمرت، لتفتح باباً واسعاً أمام النقاش حول قوة الكلمة في زمن السوشيال ميديا، وكيف يمكن للمحتوى أن يتحول من تعبير شخصي إلى أداة لإعادة تشكيل الوعي المجتمعي.
الخطورة لم تكن فقط في عدم دقة المعلومة، بل في آلية انتشارها الخاطف، حيث يمكن لجملة واحدة أن تصل إلى ملايين الأشخاص في دقائق، وأن تُقتطع من سياقها أو تُضخّم لتخدم فكراً أو أجندة معينة.
في هذا العالم الرقمي، لا يُقاس تأثير المحتوى بجودته بقدر ما يُقاس بسرعته في الانتشار وقدرته على إثارة الانفعال، ما يجعله في أحيان كثيرة سلاحاً بيد من يعرف كيف يوظف التضليل لصالحه.
هدى من جانبها شددت على أن ما نشرته لم يكن بدافع التحريض أو نشر الكراهية، موضحة أنها تتحدث منذ فترة عن القضية الفلسطينية انطلاقاً من دافع إنساني، متأثرة بمشاهد الأطفال في غزة وما يواجهونه من جوع وحصار وقصف.
وأشارت إلى أنها لا تستطيع تقبّل أي مبرر لهذا الواقع، وأنها اختارت التعبير عن موقفها رغم إدراكها للمخاطر المحتملة. كما بيّنت أنها هي من اتخذت قرار حذف المقطع بنفسها، وليس منصة تيك توك أو أي شخص من فريقها، موضحة أن السبب هو إساءة فهم محتواه واستخدامه بشكل غير صحيح.
لكن كلماتها لم تسلم من التحريف. فبحسب روايتها، تم اقتطاع الفيديو من سياقه واتهامها بمعاداة السامية، رغم أنها شددت على رفضها لأي شكل من أشكال الكراهية، بما في ذلك الكراهية تجاه اليهود. وأكدت أنها لم تتطرق إلى إنكار الهولوكوست أو تحميل اليهود مسؤوليات تاريخية، وأن انتقاد سياسات دولة ما لا يعني العداء لشعب بأكمله.
القضية تطرح سؤالاً محورياً: كيف نوازن بين حرية التعبير وحق المجتمع في الحماية من المعلومات المضللة؟ وما هي مسؤولية المؤثرين الذين يمتلكون قاعدة جماهيرية ضخمة في التأكد من صحة ما ينشرونه؟
الحقيقة أن منصات التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد فضاء للترفيه أو التعبير الشخصي، بل أصبحت ساحة معارك فكرية وسياسية، حيث يمكن لمقطع واحد أن يعيد صياغة الرأي العام أو يزرع الشك في حقائق تاريخية راسخة. وهذا ما يجعل الرقابة، والتحقق من المعلومات، وتثقيف المستخدمين أدوات أساسية لحماية الوعي المجتمعيّ من التلاعب.
اقرأ أيضًا: تصريحات هدى قطان تضع “سيفورا” تحت ضغط لمراجعة علاقتها بهدى بيوتي؟
ليما الملا