الملكة رانيا ما يحدث في غزة يعيد صياغة الأخلاق العالمية
في كلمة عاطفية حملت الكثير من الصدق أمام آلاف الطلبة في مؤتمر «سيغلو المكسيك – القرن الحادي والعشرين»، أطلقت الملكة رانيا العبدالله صرخة ضمير، ووصفت ما يجري في قطاع غزة بأنه كارثة إنسانية غير مسبوقة، مؤكدة أن حجم الدمار والوحشية هناك يعيدان تعريف معنى التحضّر ومفهوم القيادة في القرن الحالي.
غزة… العدسة الأخلاقية للعالم
رأت الملكة أن غزة لم تعد قضية محلية تخص الشرق الأوسط وحده، بل تحوّلت إلى عدسة أخلاقية تفرض على العالم إعادة النظر في بنيته الأخلاقية.
فالمجازر المستمرة، المنازل التي تُسوّى بالأرض، والتاريخ الذي يُمحى تحت الركام، كلها جرائم لا يمكن تبريرها.
وتابعت: “عشرات الآلاف قُتلوا، وأُمة تُجوَّع وتُحاصر. أطباء مرهقون يقاتلون بأدوات شحيحة، وصحفيون شجعان يوثقون الحقيقة ويدفعون حياتهم ثمناً لذلك، من دون أي محاسبة”.
تحدٍّ للروايات السائدة
اعتبرت الملكة رانيا أن غزة تمثل اليوم اختباراً للروايات التي اعتدنا ترديدها كأنها حقائق. فالإعلام والسياسة كثيراً ما يبرّران القسوة ويُجردان شعباً بأكمله من إنسانيته. لكن الواقع في غزة يكشف زيف هذه الروايات، ويدعو إلى مراجعة شاملة للخطاب السائد.
دعوة لإعادة تعريف التحضّر
أكدت الملكة أن العالم بحاجة إلى وقفة صادقة: “لا يمكن لأي حضارة أن تبرر قصف المستشفيات، أو إطلاق النار على من يسعون للحصول على المساعدة، أو تجويع الأطفال”.
وشددت على أن التحضّر لا يُقاس بالناتج المحلي ولا بالحداثة العمرانية، بل بمدى إنسانية تعاملنا مع الآخرين، خصوصاً في أوقات الأزمات.
دفاع عن القيم والإرث الأردني
توقفت الملكة عند تجربة الأردن، قائلة: “فتحنا أبوابنا للملايين ممن شُرّدوا بسبب الحروب، ووقفنا إلى جانب المهمّشين، ونفخر بهذا الإرث الإنساني”.
كما أشادت بمكسيك التي كانت على الدوام ملاذاً للصوت الحر، وربطت ذلك بإيمانها الشخصي الذي يشكّل بوصلتها الأخلاقية موضحة أن الإسلام يعلّم الرحمة والعدل والكرامة، وأن هذه القيم تتحول في حياتها إلى ممارسة يومية.
إشادة بجيل يرفض الصمت
خصّت الملكة رانيا الشباب حول العالم الذين رفضوا أن يبقوا متفرجين على مأساة غزة، ووصفتهم بأنهم يجسدون الشجاعة الأخلاقية. وأضافت: “وسط هذا الألم تأثرت بشدة بشبان خاطروا بتعليمهم ووظائفهم وسمعتهم ليمنحوا صوتاً لشعب لم يلتقوه من قبل. أن ترفع صوتك حين يسود الصمت… هو ما يجعلنا بشراً بحق”.
يواصل الاحتلال التصعيد العسكري في غزة
تزامن خطاب الملكة مع إعلان جيش الاحتلال أنه يسيطر على نحو 40% من مدينة غزة مع تصاعد العمليات في المناطق المكتظة. وأوضح المتحدث العسكري إيفي ديفرين أن عشرات آلاف الجنود نُشروا مؤخراً وأن العمليات ستتوسع في الأيام المقبلة، مؤكداً أن حماس ستواجه “القوة الكاملة” للجيش.
ورغم التحذيرات السابقة من مخاطر العملية على المدنيين والرهائن، فإن القيادة العسكرية للإحتلال مضت في خططها، ما يفاقم المأساة الإنسانية ويجعل دعوات الملكة رانيا أكثر إلحاحاً وضرورة.
اقرأ أيضًا: من الكويت إلى عمّان والعالم.. الملكة رانيا ومسيرة نصف قرن من العطاء
ليما الملا