انحدار الإعلام… عندما تتحوّل المقابلة إلى فقرة “ترنغ”
الحاجة نبيلة

انحدار الإعلام… عندما تتحوّل المقابلة إلى فقرة “ترنغ”

في السنوات الأخيرة، تغيّر شكل الإعلام العربي بصورة واضحة، ليس فقط على مستوى المحتوى، بل حتى على مستوى اللغة والأداء والتعامل مع الضيوف.

ولم يعد من المستغرب أن نرى مقابلات تتصدر منصات رقمية لا لأنها غنيّة أو تحمل قيمة فنية أو فكرية، بل لأنها ببساطة “تعمل ترند”.

في مقابلة حديثة لبرنامج “تفاعلكم” على قناة العربية، ظهرت الحاجة نبيلة، الملقبة بـ “بلبل الشرقية”، وتحدثت عن بداياتها في الغناء وكيف أخبرها ابنها بأنها أصبحت “تريند”.

لكن طريقة نطق الكلمة تحولت إلى “ترنغ”، ومع هذا التغيّر الغريب في اللفظ، ظهرت الكثير من الأسئلة حول سبب تركيز الإعلام اليوم على مثل هذه التفاصيل.
هل الهدف تقديم قصص فنية مؤثرة؟ أم مجرد صناعة مشهد سريع يجذب المشاهدين؟

اللافت في المشهد أن الحوار بدا وكأنه يسير في اتجاه واحد: التأثير اللحظي.

كلمات مثل تريند، مشاهدات، لايكات، تفاعل أصبحت بديلة عن مفردات كانت ترتبط بالفن: جمهور، إحساس، رحلة، تجربة، صوت، معنى.

حتى لغة الحوار باتت أقرب إلى لغة وصفات الطبخ والوصفات المنزلية، خفيفة وسريعة وتُستهلك فوراً، دون عمق أو سياق أو إضافة حقيقية.

الإعلام، في جوهره، يجب أن يكون مساحة للحديث عن المعنى قبل الضوضاء.
عن الفن قبل المجاملة.
عن القيمة قبل العناوين المستفزة واللقطات القصيرة التي تُجمع لتتصدر منصات التواصل.

حين تفقد الكلمات قيمتها، يفقد المحتوى هويته.
وحين نستبدل الفن بالـ “ترنغ”، نخسر رحلة كاملة من الوعي والثقافة.

الفن العربي أكبر من هذا المشهد.
والأصوات التي صنعت الذاكرة والوجدان العربي لم تُخلَّد لأنها أصبحت “تريند”، بل لأنها عبرت ولامست وأثّرت.
وهنا يكون الفرق الحقيقي.

اقرأ ايضًا: “عندي سؤال” مع محمد قيس… وملحم زين يروي ما لا يُقال أمام الكاميرات

ليما الملا

@alarabiya

“ابني قالي الحقي جالك تريند بعد أغنيتي الأولى”.. الحاجة نبيلة “بلبل الشرقية” تروي لـ “تفاعلكم” رحلة صعودها الغنائي #قناة_العربية

♬ original sound – العربية – العربية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *