في زمن باتت فيه الملامح تُعاد صياغتها داخل العيادات، والرشاقة تُفرض عبر الإبر والأدوية، اختارت نجمة هوليوود كيت وينسلت أن تقف في الاتجاه المعاكس تمامًا، رافعة صوتها دفاعًا عن الجمال الطبيعي، في موقف يعيد طرح سؤال عميق:
هل ما نراه اليوم جمال حقيقي… أم صورة مُعلبة باسم العصرية؟

كيت وينسلت: الجمال لا يُحقن… بل يُعاش
وينسلت لم تتحدث من موقع التنظير، بل من تجربة امرأة تجاوزت الخمسين، لم تسعَ لتجميد الزمن في وجهها، ولم تركض خلف ملامح موحّدة. بل على العكس، ترى أن تجاعيد العمر ليست عيبًا، بل سجلًا حيًّا لتجارب الإنسان، وأن اليدين حين تتغيران مع الزمن لا تفقدان جمالهما، بل تكتسبانه بشكل أعمق.
موقفها لم يكن موجّهًا فقط لنجوم هوليوود، بل للجيل الجديد بأكمله، الذي بات — كما تقول — يربط القيمة الذاتية بعدد الفلاتر وتناسق الملامح.

هوس التخسيس… قلق صحي قبل أن يكون شكلي
إلى جانب التجميل، أبدت وينسلت قلقًا واضحًا من الانتشار اللافت لأدوية إنقاص الوزن، معتبرة أن التعامل معها كحل سريع للجمال يشكّل خطرًا صحيًا ونفسيًا، خاصة مع غياب الوعي الكامل بتأثيراتها الطويلة المدى.
هي لا تهاجم الجسد النحيف، بل تهاجم فكرة أن يكون الجسد “مشروع تعديل دائم” بدل أن يكون مساحة تصالح مع الذات.

السوشيال ميديا: مصنع القوالب الموحّدة
ترى وينسلت أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت معملًا لإنتاج نموذج واحد للجمال، يتم نسخه آلاف المرات عبر الفلاتر والبرامج، ما خلق لدى الفتيات وهمًا خطيرًا بأن الكمال قابل للتحقيق حرفيًا، وليس وهمًا بصريًا. وهنا تحديدًا يبدأ تشويه العلاقة بين المرأة وصورتها الحقيقية.
الجمال بين قناعات الغرب واختيارات النجمات العربيات
بين موقف كيت وينسلت، تقف مجموعة من الفنانات العربيات على ضفّتَين مختلفتين في فلسفة الجمال:
نجمات عربيات يقتربن من فلسفة وينسلت:
-منى زكي: تتقدّم في العمر فنيًا بلا قلق مفرط من ملامح الزمن، وتُقدّم أدوارًا قائمة على العمق لا الشكل.
-كارمن لبس: صرّحت أكثر من مرة أن الجمال الحقيقي في الصدق مع الذات لا في “شدّ” الملامح.
-صبا مبارك: تعتمد على البساطة والملامح الطبيعية في أغلب ظهورها.
هؤلاء يلتقين مع كيت وينسلت في نقطة واحدة: الجمال نابع من التجربة… لا من الإبرة.

في المقابل: مدرسة “الشكل أولًا”
على الضفّة الأخرى، تتبنى بعض النجمات العربيات خيار التجميل المكثّف، لا بدافع الزينة وحدها، بل أحيانًا خوفًا من الخروج من دائرة المنافسة البصرية، في مشهد بات تُقاس فيه “قيمة الحضور” بعدد التعديلات لا بعدد التجارب.
وهنا لا يدور النقاش حول الصواب أو الخطأ، بل حول الضغط الذي يفرضه السوق على المرأة لتبقى في صورة واحدة لا تتغيّر.
العمر… عدو أم حليف؟
كيت وينسلت ترى أن العمر ليس خصمًا للجمال، بل شريكًا في تعميقه. تقول باختصار بصري:
“الوجه لا ينطفئ مع الزمن… بل ينضج نوره.”
وهذه الرؤية تتناقض تمامًا مع ثقافة “الهروب من الزمن” التي تسيطر على جزء كبير من المشهد الفني العربي والغربي.
الخلاصة: أي جمال نريد؟
ما تطرحه كيت وينسلت ليس موقفًا ضد التجميل بحد ذاته، بل ضد تحويله إلى ضرورة نفسيّة واجتماعية. هي لا تطلب من النساء أن يرفضن التغيير، بل أن يسألن أنفسهن أولًا:
هل أغيّر لأنني أريد؟ أم لأنني خائفة من ألا أُقبل كما أنا؟
في زمن تتشابه فيه الوجوه أكثر من أي وقت مضى، يبدو أن الجمال المختلف… صار هو الندرة.
اقرأ أيضًا: عمليات التجميل ومتى يتحول السعي للجمال إلى خطر على الحياة؟
ليما الملا
منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

