وصلنا إلى زمنٍ ازدحمت فيه الشاشات وتنوّعت فيه البرامج، ولكن يبقى الفارق الحقيقي في طريقة التعامل مع الإنسان قبل الكاميرا مثل نيشان.
في برنامج نيشان إكس، قدّم نيشان نموذجًا مختلفًا للإعلام، نموذجًا لا يقوم على الإثارة ولا على البحث عن ردود فعل سريعة، بل على احترام المشاعر وفهم عمق العلاقات الإنسانية.
حين جمع الفنانة ماغي بو غصن بوالدها خلال اللقاء، لم يكن الهدف صناعة لحظة عاطفية عابرة، بل إعادة الاعتبار للعائلة، للجذور، وللدور الذي يلعبه الأهل في تشكيل شخصية الإنسان، بعيدًا عن الأضواء والنجومية.
الطريقة التي أدار بها الإعلامي هذا اللقاء كشفت عن حسّ إنساني عالٍ، وعن وعي بأن بعض التفاصيل لا تُقدَّم إلا بلطف.
الإعلامي لا يتعامل مع ضيوفه كأسماء لامعة، بل كبشر يحملون قصصًا وتجارب وذاكرة. يعرف متى يتكلم، ومتى يتراجع خطوة ليترك المجال للشعور أن يأخذ مساحته الطبيعية.
هذه القدرة على الموازنة بين المهنية والإنسانية هي ما يجعل حضوره مختلفًا، ويمنح الحوار قيمة تتجاوز وقت البث.
التأثر الذي بدا في نهاية هذا المقطع المؤثر لم يكن خروجًا عن دور الإعلامي، بل كان تأكيدًا على صدق التجربة. فالإعلامي الذي يسمح لنفسه أن يتفاعل بإنسانيته، لا يفقد هيبته، بل يضيف إليها عمقًا واحترامًا.
هنا، تتحوّل الشاشة من منصة أسئلة إلى مساحة ثقة، ويشعر الضيف أنه في مكان آمن، لا في اختبار.
في منصات امتلأت بالكلام والاستعراض، يثبت الإعلامي أن الرقي لا يحتاج إلى ضجيج، وأن الإعلام حين يُدار بضمير، يصبح شريكًا في الذاكرة لا عابرًا فيها.
هكذا تُصنع اللقاءات التي تبقى، وهكذا يُقدَّم إعلام يحترم الإنسان قبل كل شيء.
اقرأ يضًا: ثلاث حلقات… ثلاثة أساليب: كيف قدّم نيشان ورودولف هلال وهشام حداد حوارات صنعت فرقًا؟
ليما الملا

منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

