هل الخيانة في النفس البشرية طبع أم ظروف؟
نكران الجميل والمعروف هو أمر مألوف، لكي أكون صريحًا معك، عزيزي القارئ، لن أقول إن هذا المقال سيجعل ناكر المعروف وفيًا.
فقد كتب الفلاسفة وغيرهم من المؤلفين آلاف العبارات عن الوفاء والخيانة، وحتى المصحف تحدث عنها كثيرًا، إلا أن الخيانة لم تنتهِ للأسف.
فالخيانة طبع، وليست ظروفًا، لأن الظروف تجعلنا أكثر إحساسًا بمن حولنا.
اسمح لي أن أروي لك قصة قط روسي مات صاحبه، فبقي بجانب قبره سبع سنوات، وكذلك قصة الجمل اليمني الذي مات صاحبه، فجلس على القبر يبكي أسابيع.

اقرأ أيضًا: ثلاثة أشياء تجعل حياتك الزوجية أجمل من الملوك؟
من خلال هاتين القصتين، نكتشف كيف يمكن أن تتجسد الإنسانية في الحيوان، بينما قد يفقدها الإنسان!
أردت من خلال هاتين القصتين إسقاط المعاني على طبائع البشر من جهتين:
الجهة الأولى تتعلق بالعلاقات:
فعندما أذكر العلاقات، يعني تلك السنوات التي عشناها كأصدقاء، وإخوة، وأزواج..
الخيانة تتعدد أنواعها، ولكن معناها يبقى واحد، وهو إيذاء الغير.
في الحياة الزوجية مثلًا، نمنح قلوبنا كاملة للحبيب، ولا يترك لنا سوى الجروح.
نقاتل من أجل من نحب، وبعد انتهاء المعركة، يقتلنا من قاتلنا لأجلهم.
هذا مجرد جانب من عالم مليء بنكران الجميل ونسيان المعروف.
الجهة الثانية تتعلق بالتعاملات:
ما أكثر الخيانة في التعاملات!
غش، وكذب، وتزوير، وهذا الشيء يحطم الأحلام أو يمزق الآمال..
أخيرًا: القلوب التي وسعتنا عندما ضاق العالم علينا يجب أن لا نجعلها تضيق بخيانتنا.
والأيدي التي أنقذتنا من الغرق، يجب أن لا نغرقها في وحل إساءتنا.
كم من إنسان نعلمه الرماية، فلما يشتد ساعده، يرمينا!
كم من إنسان نصعده على أكتافنا، فلما اعتلى، شجَّ رأسنا بسيف نكران الجميل!
فهل صدق من قال: اتقِ شر من أحسنت إليه؟
أنور العواضي