في عرض بدا أقرب إلى دراما هوليوودية منه إلى محاكمة قضائية، وقف نجم الهيب هوب شون “ديدي” كومبس أمام القاضي باكياً، يطلب الرحمة ويعتذر لضحاياه ولأطفاله ولناجين آخرين من العنف الأسري.
لكن خلف هذه اللحظة الإنسانية، كان السؤال الأكبر يتردّد: هل حكم الأربع سنوات كافٍ لإنصاف الضحايا ولمحاسبة واحد من أكبر الأسماء في صناعة الموسيقى الأمريكية؟
بين العقوبة والنجومية
كومبس، الذي لطالما عُرف كأحد أشهر رموز الهيب هوب ورجل أعمال ناجح، وجد نفسه أخيراً خلف القضبان. إدانته بنقل شخصين عبر الولايات لغرض الدعارة شكّلت صدمة لعالم الفن، لكن الأغرب كان حجم الجدل حول الحكم: أربعة أعوام وشهران فقط، مع احتساب السنة التي قضاها موقوفاً.
لجنة المحلفين أدانته بجريمة واضحة، لكن القاضي لم يأخذ بتوصيات الادعاء العام الذي طالب بـ 11 عاماً على الأقل. البعض يرى أن الشهرة والسطوة المالية لعبت دورها في تليين الحكم، في حين يرى آخرون أن ما حدث يعني خللاً أعمق في النظام القضائي الأمريكي، حيث يمكن للمال والنفوذ أن يقلّصا سنوات السجن.
محامون غاضبون… وضحايا أكثر غضباً
خارج قاعة المحكمة، أعلن محامو ديدي نيتهم الاستئناف، متهمين القاضي بأنه “تصرف كعضو محلف إضافي” وتجاوز صلاحياته. لكن في المقابل، كانت كلمات محامي كاسي فنتورا (إحدى ضحايا كومبس) أكثر وقعاً: “لا شيء سيعوض الصدمة، لكن الحكم اعتراف رسمي بعمق الجريمة.”
والأكثر قسوة جاء من داخل هيئة المحلفين نفسها، إذ صرّح أحد أعضائها أن كومبس “خرج بسهولة”، وأن “عشر سنوات كانت أكثر عدلاً”. شهادة تكشف الانقسام الحاد بين شعور الشارع ورؤية المحكمة.
بين الشهرة والعدالة الاجتماعية
قضية ديدي لا تعتبر فضيحة فردية فحسب؛ إنما مرآة لكيفية تعامل العدالة مع النجوم. كيف يُحاسَب من بنى إمبراطورية موسيقية، وجمع ثروة ضخمة، وصار رمزاً ثقافياً لعقود؟ هل يُعامل كنجم فوق القانون، أم كمواطن عادي أمام عدالة عمياء؟
دموع ديدي واعتذاراته قد تكون صادقة، لكن في نظر الكثيرين، هي ليست سوى محاولة متأخرة لإنقاذ صورته العامة. لأن الحقيقة تبقى أن خلف أضواء الشهرة والترف، هناك ضحايا حقيقيون يروون قصصاً عن الاستغلال والعنف، وعن سنوات من الخوف والصمت.
دروس من القضية
حكم ديدي ليس نهاية القصة، بل بداية فصول جديدة من القضايا المدنية والدعاوى التي ستطارده لسنوات. لكنه أيضاً يطرح سؤالاً جوهرياً: هل يحتاج النظام القضائي لإعادة نظر حين يتعلق الأمر بالمشاهير؟ وهل نعيش فعلاً في عالم حيث العدالة قد تُخفف لمجرد أن المتهم يملك ملايين المتابعين وعلاقات لا تحصى؟
الجواب قد يختلف، لكن المؤكد أن سقوط نجم بحجم ديدي يذكرنا دائماً أن الأضواء لا تحجب الظلال، وأن العدالة، وإن تأخرت، تبقى تلاحق حتى أكثر الأسماء بريقاً.
اقرأ أيضًا: ترامب يتراجع عن عفو محتمل عن ديدي بسبب عداء شخصي؟
ليما الملا