يقدّم الموسم الرمضاني لعام 2026 عملاً دراميًا يفرض حضوره مبكرًا قبل صدور أي إعلان رسمي، وهو مسلسل «سعادة المجنون»؛ عملٌ ثقيل عنوانه وحده يثير الفضول ويطرح أسئلة لا تنتهي حول طبيعة الجنون المقصود… هل هو جنون السلطة؟ أم الطمع؟ أم ذلك الانجذاب القاتم نحو المصالح التي تُغرق أصحابها في دهاليز الفساد والضياع؟
يميز العمل وجود ثلاثية بطولية استثنائية تجمع نجومًا مخضرمين من الدراما السورية.
يقدّم عابد فهد شخصية أوس، الرجل الذي لا يعرف حدودًا لطموحه. يسير نحو النفوذ بخطوات ثابتة لا يردعها خوف ولا أخلاق، فيتحوّل تدريجيًا إلى نموذج حيّ للسلطة التي تبتلع أصحابها.
أما سلافة معمار فتجسّد ليلى، المرأة التي تُغلّف برودها قسوة داخلية لا تعرف الرحمة. تتبنّى المصلحة معيارًا وحيدًا، وتدوس على كل علاقة قد تعترض طريقها.
ويأتي باسم ياخور بدور أشرف، رجل الأعمال الذي يتقن لعبة الوجوه المتعدّدة؛ يبتسم بثقة في العلن، ويُبرم صفقاته المظلمة في الخفاء.
ورغم اختلاف هذه الشخصيات، إلا أنّ خيطًا واحدًا يجمعها: سعيٌ محموم نحو القمّة مهما كان الثمن.

غير أن العنصر الأكثر تفرّدًا في المسلسل هو الراوي. فالأحداث تُروى من منظور شخصية تُدعى المجنون، يؤديها كرم شنان بتركيبة تجمع بين الغرابة والوعي الحاد. من خلال عينيه—المضطربتين والواضحتين معًا—تنكشف أسرار الشخصيات وصراعاتها وخطاياها، ما يمنح العمل بُعدًا نفسيًا عميقًا يميّزه عن الدراما السورية الحديثة.
تنطلق القصة من جريمة غامضة تكشف ملف فساد واسع تتفرّع عنه قضايا التهريب والصفقات المشبوهة والفساد القضائي وصراعات النفوذ. وفي قلب هذا المشهد المظلم، تتشابك طرق أوس وليلى وأشرف، فيندفع كلٌّ منهم نحو الخيانة… فالقتل… وربما إلى ما هو أشدّ خطورة.
بدأ التصوير في بيروت تحت إدارة المخرج سيف السبيعي، المعروف بقدرته على تقديم أعمال سوداوية نفسية ذات واقعية مؤثرة. ويمنح الفريق السوري شبه الكامل العمل هوية فنية واضحة ضمن إطار عربي يناسب روح الموسم الرمضاني.
في المحصّلة، يبدو «سعادة المجنون» مرشحًا ليكون أحد أهم أعمال رمضان 2026، بما يحمله من نص جريء، وشخصيات مركّبة، ورؤية إخراجية محكمة. عملٌ يُتوقع أن يثير الكثير… وأن يبقى حاضرًا في الذاكرة.
اقرأ أيضًا: “بالحرام”… عمل درامي يفتح أبواب الظلّ في رمضان 2026
ليما الملا
منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

