الأزمة التي يمر بها الحزب الديمقراطي حاليًا والمتعلقة بمواصلة الرئيس الأمريكي جو بايدن قيادته للحزب والترشح للانتخابات القادمة، رغم حالته الصحية والنفسية السيئة، لم تأتِ من فراغ أو بشكل مفاجئ، بل هي استمرار لمسلسل التخبطات والقرارات غير المدروسة من قِبَل ما يُسمى بالمؤسسة في الحزب الديمقراطي منذ عام 1944.
اقرأ: في تهنئته لبايدن: سمو الأمير يشيد بالعلاقات الراسخة بين الكويت والولايات المتحدة!
تتحكم تلك المجموعة (المؤسسة) بقرارات الحزب وفقًا لمصالحها الخاصة وليس لمصلحة الناخب الديمقراطي. تستند قوة هذه المؤسسة إلى دعم من بعض الأثرياء في الخفاء، وفي العلن يقودها شخصيات بارزة مثل نانسي بيلوسي، باراك أوباما وزوجته، بيل كلينتون وزوجته هيلاري، تشك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، وغيرهم من أعضاء الكونغرس.
تمتد جذور هذه الهيمنة إلى نحو 80 عامًا، حيث برزت قوتها في انتخابات نائب الرئيس عام 1944، عندما تعاونوا على إسقاط نائب الرئيس حينها هنري والاس، مستغلين سوء حالة الرئيس الأسطوري فرانكلين روزفلت الصحية. آنذاك، أتى برجل محدود التفكير ولا يمت للذكاء بصلة يُدعى هاري ترومان. كان سبب إزاحة والاس هو دراية الجميع بقرب وفاة روزفلت، مما يعني أن والاس، معروفاً بدعواته للسلام والتعاون مع الاتحاد السوفيتي، سيكون الرئيس القادم، وهو أمر غير مقبول لدى المؤسسة. لذا، ازيح والاس وجيء بترومان الذي أمر باستخدام القنبلة النووية بعد توليه الرئاسة بفترة قصيرة.
وفي انتخابات 2016، كان تلاعب المؤسسة بنتائج انتخابات الحزب واضحًا وضوح الشمس، بإعلان فوز هيلاري كلينتون بينما كان بيرني ساندرز هو الفائز الحقيقي وفقًا لعدد الأصوات. ونتج عن هذا التزوير فوز شخص معروف في أمريكا بأنه “فنان محتال” يُدعى دونالد ترمب، صاحب الفضل في تقسيم أمريكا والمهدد لوحدتها وديمقراطيتها.
لم يتعلم أفراد المؤسسة من الدرس الترامبي، فبعد أربع سنوات، أحست المؤسسة بخطر شعبية بيرني ساندرز الذي ظل متصدرًا الانتخابات حتى هندست المؤسسة انسحابًا جماعياً لأربعة مرشحين، أعلنوا تضامنهم مع جو بايدن، ليحصل على الأصوات الكافية لإسقاط ساندرز. والآن، جاء الوقت لدفع ثمن فاتورة إيصال جو بايدن إلى البيت الأبيض بطرق غير أخلاقية. فالرجل الذي دعمته المؤسسة يعاني من كبر السن لدرجة أنه في موقف معين لم يفرق بين زوجته وشقيقته!
ثم جاءت الطامة الكبرى في المناظرة مع ترامب، والتي وصف بعدها بايدن بالرجل الخَرِف. تعالت الأصوات داخل الحزب بضرورة عدم ترشحه للانتخابات المقررة بعد أربعة أشهر فقط.
وما يزيد الطين بلة أن نائبة الرئيس كامالا هاريس لا تحظى بشعبية داخل الحزب، مما يجعل المؤسسة في مأزق قد تكون نتائجه هذه المرة كارثية، لأن ترامب لم يخفِ نواياه بتحويل الولايات المتحدة إلى مملكة، وهو ما يهدد بوضع حد لأعظم الديمقراطيات التي عرفها التاريخ الإنساني الحديث.
ليما الملا



منصّة كوليس منصة إخبارية فنية إجتماعية عربية مستقلة

