فيروز أيقونة الفن التي تعيش في قلب الزمن
عندما نتحدث عن الأيقونة فيروز، نتحدث عن صوت لا يشبه سواه، وعن تجربة فنية تمتد لأكثر من ستة عقود.
وصولها إلى عمر التسعين يعتبر حدثًا نوعيًا في عالم الفن، ولعل السؤال الذي يتردد في أذهان جميع محبيها: كيف استطاعت أن تبقى كما هي، متألقة ومشرقة، رغم مرور الزمن؟
قد يكون الجواب في فنها، الذي ينطلق من عمق الحياة وتجاربها اليومية. فيروز لا تغني فقط، بل تقوم بنقل لحظات إنسانية مؤثرة وترجمات لشعور الناس وأحلامهم، وهذا ما يجعل أغانيها بمثابة مرآة للحظات مليئة بالمشاعر.
من أشهر أغانيها مثل “كان عنا طاحونه” و”زهرة المدائن”، تجسد قصصًا تتعلق بالحب، الشوق، والحنين إلى الوطن.
وراء جمال فيروز واحتفاظها بشباب روحها، هناك أيضًا ذوقها الرفيع في التعامل مع الحياة. إنها تحافظ على مسافة من الأضواء، حيث تفضل الاختباء خلف فنها بدلاً من التواجد في واجهة الأحداث.
وبالرغم من حياتها العامة، تبقى خصوصيتها محفوظة، وهكذا تزيد من جاذبيتها. لقد أدركت منذ البداية أهمية التفكير القائم على القيم، وحتى عدم الانفعال أو التأثر بالتحديات أو التعليقات التي قد تزعجها، وذلك يجعلها شخصية محبوبة تستحق الاحترام.
علاقتها مع جمهورها وطيدة، حيث تتحدث من خلال موسيقاها، بينما تجد صعوبة في الانغماس في السجالات العامة.
تشعر بأنها تتحدث بلغة الفن، حيث يعبر كل لحن، وكل كلمة، عن أفكار ومشاعر تفوق الوصف. وفي هذا الإطار، تتخطى الأغاني حاجز الزمن، وكأنها تدعو مستمعيها إلى العالمية، إلى أن يجتمع الجميع على حب الحقائق البسيطة والمشاعر الصادقة.
اقرأ أيضًا: سعاد المعجل تكشف سر خلود فيروز في تحليل يوضح تجاوز الفن للانتماءات الدينية
من الواضح أن فيروز تبقى وفية لنفسها، لمبادئها، ولتلك العوالم الجميلة التي تغني لها.
إن الرقي الذي تظهره في كل ما تقوم به يجعلها في نظر جمهورها مثالاً يحتذى به، ليس فقط كفنانة، وإنما كإنسانة.
ستبقى فيروز علامة فارقة في تاريخ الفن العربي، لأنها تمتلك القدرة على أن تشعرنا بأن الأحلام ليست بعيدة، وأن الموسيقى يمكن أن تكون جسرًا يوصلنا إلى بعضنا البعض.
خلاصة القول، فيروز ليست مجرد فنانة، بل هي جزء لا يتجزأ من تاريخ الموسيقى العربية، وشهادتها على عبور الزمن تؤكد توازن الفن مع الحياة.
قد يكون سر جمالها في كيفية تعبيرها عن مشاعر البشر، في احتفاظها بمسافة بين نفسها وبين الساحة الفنية، وفي قدرتها على البقاء هادئة ومؤثرة. بالفعل، إنها سيدة الغناء، ورمز للحب والإبداع والأصالة.
ليما الملا